رئيس التحرير
عصام كامل

عقول متميزة.. ولكن!


تعددت جلسات منتدى الشباب العربي الأفريقي بأسوان.. لكن أبرزها في رأيي جلسة "مستقبل البحث العلمي والرعاية الصحية" التي أوصت بضرورة تطوير البحث العلمي وتبادل نتائجه المهمة بين شباب القارات المختلفة وشباب أفريقيا التي تفوق عقولها المتميزة وكفاءتها البشرية في البحث العلمي- كما قال الرئيس السيسي- نظيراتها في الدول المتقدمة..


ومن ثم فقد آن الأوان لتحسين البنية التحتية لأفريقيا وإزالة الحواجز بين دولها بعضها البعض من ناحية وبينها وبين الدول العربية من ناحية أخرى، حتى تتهيأ الفرص الواعدة لاستغلال الموارد الطبيعية والبشرية وما أكثرها؛ خدمة لشعوبها التي عانت ولا تزال آثار المستعمر وقسوة الفقر والعوز.

الرئيس السيسي أكد أنه آن الأوان للحاق بالتقدم المذهل الذي حقق طفرة كبرى في تقنيات الاتصال وتكنولوجيا المعلومات وتوظيف تلك المقومات الهائلة في تعزيز التعاون فيما بين الدول العربية والأفريقية؛ فالبحث العلمي صناعة تتوفر مفرداتها وعناصرها كاملة في مصر وأفريقيا..

وإذا كنا غير قادرين في هذه المرحلة على وضع تلك الصناعة في مكانها المناسب وبالمستوى ذاته في الدول المتقدمة فلا أقل من الاستفادة من الجهود البحثية المثمرة لشبابنا في الخارج.. وتساءل الرئيس مخاطبًا تلك الدول التي تجني وحدها ثمرات وجهود شبابنا الفذ: لماذا لا يكون هناك بروتوكول تعاون معها يمكننا بمقتضاه الاستفادة من تلك المنجزات العلمية التي أحرزها شبابنا في تلك البلاد المتقدمة التي نجحت في جذب مزيد من عقولنا الفائقة لصناعة البحث العلمي الذي حولوه لسلعة ثم للأسواق التي تدر عليهم أرباحا طائلة؟!

إن ما كان بالأمس مستحيلًا صار اليوم بفضل تقدم البحث العلمي ممكنًا وميسورًا، وبات تقدم الدول يقاس بما أنجزته في ميادين البحث العلمي الواسعة وقدرتها على الاستفادة مما حققته لنفسها ثم للبشرية من بعدها من منجزات واختراعات.. ولا يستوي من يملك أدوات ومفاتيح المعرفة ويقدم لغيره إنتاجه من الغذاء والدواء والسلاح والكساء ووسائل الرفاهية..

ومن يعيش عالة على غيره في استهلك تلك المنتجات؛ وهو ما يدركه الرئيس السيسي ويسعي إلى تحقيقه عبر تحسين التعليم والبحث العلمي والرعاية الصحية للمصريين كافة؛ فالعلم يرفع أقوامًا والجهل يخسف بآخرين.. ومن هنا جاءت أهمية حقوق الملكية الفكرية التي تنظمها تشريعات وقوانين دولية صارت موضع اتفاق بين دول العالم أجمع..

فمن كان يتصور مثلًا أن تصل البشرية إلى تصنيع عقار "سوفالدي" الذي يقضي على فيروس سي اللعين الذي طالما أهلك أكباد ملايين المرضى في مصر وخارجها..ومن كان يتصور أن تنجح مصر في الحصول على اعتماد دولي من منظمة الصحة العالمية يتيح لها تصنيع هذا العقار وخفض ثمنه لأقل قيمة ممكنة للمصريين..

وشتان بين سعره العالمي الذي يبلغ 80 ألف دولار وسعره داخل مصر الذي لا يتجاوز 50 دولارًا فقط ويجري إنتاجه في نحو 21 مصنعًا مصريًا تعمل على إنتاجه..كما تنتج مصانعنا علاجات مبتكرة لأمراض الملاريا تقدر بنحو 3 ملايين طن يوميًا يمكن إتاحتها لأفريقيا التي تعاني ويلات هذا المرض اللعين.

ومن كان يتصور أن يتوصل البحث العلمي لعلاج ناجع لفيروس الإيدز الخطير الذي أعجز البشرية وأعياها بلا شفاء ولا دواء دهرًا طويلًا.. ومن كان يتصور أن يتوصل العلماء لفك الشفرة الجينية للإنسان والذي يفتح آفاقًا غير مسبوقة لعلاج أمراض خطيرة كالسرطان وغيره.. ومن كان يتصور أن يصل العلم للفيمتو ثانية والبيوت الذكية وغزو الفضاء واكتشاف حياة جديدة على سطح القمر وهو ما لم يدر بخلد الإنسان يومًا.

الجريدة الرسمية