«الفارس الأحمر».. عقيد مصري شارك في إنشاء كتائب للدفاع عن فلسطين
"الفارس الأحمر" اسم أطلقه جيش الاحتلال الإسرائيلي على العقيد البطل لطفي مصطفى العكاوي، الذي كبد اليهود خسائر باهظة في قلب تل أبيب منذ أن وطأت قدمه أرض فلسطين.
"العكاوي" يعرفه الكثير من رجال المقاومة الفلسطينية وأهالي غزة أنه ليس فلسطيني الجنسية، بل مصري 100%، وأنه جاء ليناضل في فلسطين ضد المحتل الإسرائيلي، ليسجل اسمه ضمن العديد من المصريين الذين ضحوا بحياتهم لتحرير أرض فلسطين من العدو الإسرائيلي المحتل.
ميلاده ونشأته
ولد مصطفى لطفي العكاوي في مدينة العريش عام 1918 لعائلة مصرية، والتحق للعمل بجهاز الشرطة كفرد وهو في الـ 17 من عمره، واستمر في الترقي حتى وصل إلى مأمور لنقطة شرطة "إيلات" برتبة عقيد، والتي كانت تعرف باسم "أم الرشراش".
تمتد فترة الخدمة التي قضاها لطفي العكاوي داخل حدود فلسطين إلى نحو 20 عامًا، وتذكر الوثائق أنه انضم للعمل مع القيادة المصرية بعد أن أصبحت لها السلطة على قطاع غزة عام 1948، واستمر في أداء مهامه كقائد لقوات الشرطة بقطاع غزة.
تدريب الفدائيين
وفي أواخر عام 1954 بعد توالي هجمات العدو الإسرائيلي وتخريبه للأراضي الفلسطينية قررت مصر تشكيل تنظيم للفدائيين، فأرسلت واحدًا من أهم رجالاتها هو العقيد "مصطفى حافظ"، وهو من اشتهر بعد ذلك في ملفات الاستخبارات باسم "رجل الظل"، ليقوم بإنشاء هذه التنظيمات والخلايا التي استهدفت عمق العدو الصهيوني، ونجحت في تكبيده خسائر موجعة جعلت من حكومة الصهاينة تضحي بمئات الآلاف من الجنيهات لنيل رقبته هو ومعاونيه خاصة ذراعه الأيمن والمسئول عن العمل الميداني والتنفيذي العقيد "لطفي العكاوي"، وهو من استعان به العقيد "مصطفى حافظ" ليقوم بعمليات تجنيد الفدائيين وتدريبهم والقيام بالعمليات الفدائية داخل عمق الكيان الصهيوني.
أهم العمليات التي قام بها
واستطاع "رجل الظل" العقيد مصطفى حافظ، و"الفارس الأحمر" العقيد لطفي العكاوي لسنوات وسنوات في بث الرعب داخل صفوف الإسرائيليين، وسجلت ملفات المخابرات العامة المصرية والتي كانت لا تزال في مهد تكوينها الكثير من العمليات التي نجح "لطفي العكاوي" في تنفيذها، بداية من عمليات زراعة العبوات الناسفة وتفخيخ الطرق لمسافات تراوحت إلى ما بين 20 إلى 40 كم داخل مستعمرات العدو الصهيوني، وحتى عمليات استهداف وخطف الجواسيس المتعاملين مع هذا الكيان الغاشم.
وفي عام 1956 شنت القوات الإسرائيلية حملة ضارية استهدفت القبض على "العكاوي" أو تصفيته بعد أن فشلت مؤامراتهم في قتله حتى أنهم حاولوا استهدافه من خلال عملية اغتيال استخدم فيها عميل مزدوج هو "سليمان الطلاع" أو ما تشير إليه ملفات المخابرات باسم "طلالقة"، والذي لا يزال حيًا حتى الآن ويعيش بقطاع غزة، لكن العملية باءت بالفشل الذريع، حيث لم يتحقق هدفها، لكنها أدت إلى استشهاد العقيد "مصطفى حافظ" وبعض معاونيه الآخرين.
من بطولاته كان هناك خط سكة حديد يربط بين مصر وقطاع غزة يمر عليه قطار للبضائع ينقل المؤن والذخائر إلى أهل القطاع، وقد سعى العدو الصهيوني لتدمير هذا الخط، لكن "لطفي العكاوي" ورجاله استطاعوا تأمينه، بل واستخدموا أسلوب "عربة الكشف" تسير قبل القطار يركبها هو وزملاؤه لتبين إذا ما كان هناك أي ألغام أو عبوات ناسفة على الخط الحديدي.
استمر عمله ونضاله في قطاع غزة حتى قامت حرب 67.
شارك وأدار أول عمليات فدائية عديدة بعد نكسة 67، وأهمها العملية التي هزت الجيش الإسرائيلي والتي عرفت باسم "عملية موقف الأتوبيسات تل أبيب"، والتي قتل فيها 8 من الإسرائيليين.
وفاته
عاد "العكاوي" إلى العريش بعد تحرير سيناء وشهد رجوع كل شبر من الأراضي المصرية، وبعدها أقعده المرض الذي حال دون استكمال كفاحه، وتوفي في عام 1997، ودفن في موطنه بالعريش التي لا يزال يسكنها زوجته وابنه.