رسائل سائقي القطارات إلى وزير النقل
طوال السنوات الماضية اعتمدت قيادات هيئة السكة الحديد ومن قبلها وزارة النقل العشرات من الخطط الإستراتيجية أملًا في تطوير أحوال السكة الحديد، منها الخطة الإيطالية، وخطط وزارة التخطيط وخطط النقل، وخطط من أوروبا وأخرى من البنك الدولي، وكانت كل خطة تحمل توجه الجهة المانحة للقرض أو الدعم المالى، فكانت السكة الحديد تطبق الخطة بناء على التمويل، ودون دراسة مدى فائدتها أو تضاربها مع الخطط السابقة، الأمر الذي جعل التطوير كأن لم يكن.
«سائقو القطارات» الطرف الأكثر قربًا من أرض الواقع، بل يمكن القول إنهم الطرف الوحيد الذي يمتلك رؤية كاملة للحال المتردي في الهيئة، ولهذا فإن الحديث معهم والاستماع إليهم من الممكن أن يساهم بقدر كبير في إنهاء أزمة «الهيئة المتداعية».
وانطلاقًا من الأهمية التي يلعبها سائقو القطارات، فقد أعدوا بعض النقاط للعرض على وزير النقل المهندس كامل الوزير لتطبيقها لانتشال مرفق السكة الحديد وإعادته لمكانته الصحيحة، وأرسلوا بعضها في رسائل خاصة إلى الوزير الجديد.
من جانبه قال أحمد عواد قائد قطار: النقاط المعدة والتي تضمنتها الرسائل من أبرزها إصلاح آليات الجر والبنية الأساسية واستغلال الأملاك المهدرة، إلى جانب وتنمية العنصر البشرى، والعاملين بالسكة الحديد، وخاصة السائقين، لأنهم أول ضحايا الهيئة وليس المصاب أو غيره، لأن السائق هو الذي يتم الضغط عليه لقيادة قطار غير سليم أو يتعرض لأشد أنواع الجزاء لإجباره على تطبيق ما لا يطيق، ودائما السائق يكون أول المتهمين في وقائع الحوادث، ولهذا لا بد أن نعمل أولًا على حصر كنوز السكة الحديد من بنية أساسية وأملاك وقوة بشرية، والعمل على دراسة مواطن القوة والضعف في هذه النقاط وكيفية تنميتها.
وأضاف: النقطة الثانية التي لا بد أن تتم إعادتها إلى النور هي محكمة النقل على أن تختص المحكمة بمحاسبة المخطئين، وألا يكون هناك جزاء للعامل دون الرجوع إليها، على أن تكون المحكمة هي الجهة ذات الاختصاص في محاسبة من يتسبب في الضرر للسكة الحديد سواء راكبا أو عاملا أو حتى مسئولا.
أما النقطة الثالثة فتتمثل في ألا يكون تطبيق الجزاء مقصورا فقط على العامل، لأن ذلك يمثل إجحافًا، وأن يكون الجزاء معمما على العامل والمهندس ورئيس القطاع والإدارة حتى تتمكن الوزارة من محاسبة المخطئين أينما وجدوا. وتابع: أما النقطة الرابعة فهي أن يتم حل جميع الشركات التابعة للهيئة مع تشكيل لجنة محايدة لمعرفة الجدوى من وجودها من عدمه مع تشكيل لجان محاسبة وتقديم من يثبت إدانته للمحاكمة، وإبعاد الصف الأول والثاني والثالث مع معاونيهم، أما النقطة الخامسة فتوكد ضرورة فحص الذمة المالية لكافة من تحوم حولهم الشبهات من خلال لجان تحقيق تراجع جميع ما يتقاضون وتقديم من يثبت إدانتهم للمحكمة، وإعادة النظر في كافة الصفقات والعقود والتحقيق والبحث بشأن العمولات وتربح المسئولين.
في السياق نفسه، علمت «فيتو» من مصادرها أن رسائل قائدي القطارات شددت على أهمية (العنصر البشري)، والذي يتمثل في قائدي القطارات والعمال والمهندسين والمديرين والقيادات، مؤكدة أن قائد القطار هو أول الضحايا في حالة حدوث كارثة، فإذا نجا من الحادث لا ينجو من السجن، وإذا قرر السير بالطريقة الصحية والآمنة لا ينجو من المخالفات فهو لا يُعطل القطار متعمدا كما يقول البعض، ولكن إذا قرر السير بالطريق القانونية وعلى سرعات تحت إدارة جهاز التحكم في القطار، فستكون النتيجة تأخر القطارات بالساعات.
وأكدت المصادر ذاتها أن «قائد القطار تعرض للتحطيم النفسى والمعنوى خلال السنوات الماضية، ولا بد من العمل على إعادة الروح لقائد القطار، لكونه ينقل آلاف الأرواح، وذلك من خلال معدات حديثة وقطارات مؤهلة ونظام تدريب على أعلى مستوى»، كما أشارت إلى أن قائدي القطارات أوضحوا في رسائلهم أن التدريب يتم على الورق فقط، ولا يحدث على أرض الواقع، ولا ينفذ إلا أبسط التعليمات، مؤكدين أنهم طالبوا بدورات علوم الحاسب لكن لا حياة لمن تنادي، كما طالبوا برفع مستوى الثقافة من خلال دورات تنمية بشرية لبث روح الحماس وإعادة الأمل.
وبخصوص العمال والفنيين، أكدت المصادر أنه لابد من العمل على إعادة تأهيل جميع العاملين مع مراعاة التخصصات الفنية والاهتمام بالجانب الاجتماعي والنواحي الإنسانية، والاهتمام بالجانب الصحي والاهتمام بالجانب المادي والمعنوي، والعمل على رعاية العمال من كافة النواحي الثقافية مع محاضرات تنمية بشرية.
وأكملت: الهيئة تعانى مشكلة في الفرق بين الإيرادات والمصروفات، وتبلغ الإيرادات سنويا نحو مليار و200 مليون جنيه، وتبلغ المصروفات ما يقرب من 4 مليارات جنيه سنويا، وهو ما يمثل فجوة عميقة، ولكن حلها ليس بالصعب، وفى حالة وضع مخطط لفصل قطاع الصيانة وتحويله لشركة استثمارية، ثم تنخفض المصروفات ويتم توفير أكثر من 1.5 مليار جنيه تضيع سنويا على قطاع الصيانة دون نتيجة، على أن يكون الإنفاق فقط في عمليات الإصلاح مع شركة الصيانة الجديدة أو وكلاء الصيانة، وهو ما يضمن جودة الجرار والعربات، وقد يكون وكيل الصيانة هو شركات الإنتاج الحربى أو العربية للتصنيع.
وأوضحت المصادر أن «الجزء الثانى من البناء المالى يتلخص في إعادة هيكلة الهيئة ماليًا من خلال تطوير قطاع نقل البضائع وإعادة الاهتمام به، بما يزيد الإيرادات القادمة منه إلى ملياري جنيه سنويا من خلال نقل 10% من إجمالى البضائع المنقولة من الموانئ، وبالتالى تنتهى خسائر الهيئة دون الاقتراب من أسعار التذاكر»، كما أكدت أن «الجزء الثالث في هذه النقطة هو العمل على إحكام السيطرة على تسرب الإيرادات من خلال حملات الانضباط وتغليط العقوبات، وهو ما يضمن زيادة 100% من الإيرادات الحالية لتقفز إلى 2.5 مليار جنيه بدلا من 1.2 مليار جنيه، لتحقق الهيئة أرباح لا تقل عن مليار إلى 1.5 مليار جنيه سنويا بدلا من الخسائر المليارية حاليا».
"نقلا عن العدد الورقي...".