رئيس التحرير
عصام كامل

«مشلول» حرك المقاومة بأهدابه.. مواقف من حياة الشيخ أحمد ياسين

 الشيخ أحمد ياسين
الشيخ أحمد ياسين

في صيف 1952 خرج الشيخ أحمد ياسين مع أصدقائه على شاطئ البحر في غزة، وشاهدوا هناك شبابا في مثل سنه يتدربون على الوقوف على الرأس، في سباق لمن يستمر أطول مدة في ذلك الوضع، وفي لحظة اندفاع قرر الشيخ ياسين منافستهم، ووقف على رأسه لدقائق طالت حتى سقط على ظهره من أثر الوضع المقلوب، وأصيب عموده الفقري بشدة، ورغم محاولات العلاج إلا أنه فقد مرونة الحركة وأصبح يحرك قدميه بثقل ثم تحول لعكازين خشبيين ثم صار لا يستطيع الحركة دون كرسي متحرك.


هزيمة 67

مع مرور الأيام وبلوغه سن الشباب، وبعد هزيمة 1967م آمن الشيخ أحمد ياسين بضرورة العمل على إيقاظ وعي الشعب الفلسطيني، ووقف على منابر مساجد غزة، ليحذر الناس من عواقب الاحتلال على مستقبلهم السياسي والحضاري، ويحثهم على الثبات على أرض الوطن، والتشبث بترابه والرجوع إلى الله، وظل يؤكد أن حالة الهزيمة التي تمر بها الأمة ماهي إلا مرحلة تمر بها ثم تعود للتغلب عليها.

ولم يكتف الشيخ ياسين ببعث الأمل في النفوس المنكسرة ولكن حول بيته إلى ساحة قضاء يأتي إليها المتخاصمون يطلبون الصلح والعدل على يده، واستمر في حياته على لقاء الناس ومحاورتهم وبث روح الانتفاضة في قلوب الفلسطينيين.

مكانة خاصة

كل تلك العوامل أكسبته مكانة لن تتكرر بين الشعب الفلسطيني، فكان يحرك شعبا بأكمله بكلمات بسيطة، وهناك شهادة للجنرال جوران منسبق عمليات قوات الاحتلال في غزة قال فيها بالعبرية: "إنه ظاهرة غير عادية، رجل مشلول غير قادر على الحركة أو تحريك جسمه، وعن طريق أهدابه يحرك شعبا بأكمله!".

ظل الشيخ ياسين يعمل من أجل هدفه حتى تعرض للاعتقال لأول مرة عام 1982م بتهمة التحريض على إزالة إسرائيل من الوجود وصدر حكم بسجنه 13 عاما ولكن تم الإفراج عنه في عملية تبادل أسرى عام 1985م بين الاحتلال والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وكان السجن قد جمعه برجال تلك الجبهة ذات الميول اليسارية ورغم بعض خلافاتهم الأيديولوجية لكنهم أحبوه ودفعوا باسمه ضمن قائمة المسجلين المطلوب الإفراج عنهم.

طلاب شهادة

وتواصلت أدواره التحفيزية للشعب الفلسطيني بعد خروجه من السجن، إلى أن يئس الاحتلال من عودته عن أفكاره بعدما لاحظوا اشتعال الانتفاضة على يديه، وداهم بيته مجموعة من رجال الأمن الإسرائيلي لاعتقاله وطلبوا من عائلته إرسال ابنه ليدفع مقعده المتحرك داخل السجن، وتم توجيه تهمة قيادة خلية عسكرية من "حماس" تتولى مسئولية المجموعات العسكرية العاملة في قطاع غزة.

حقق الشيخ ياسين أمنيته التي أعلن عنها في مقابلة تليفزيونية قال فيها :"إننا طلاب شهادة لسنا نحرص على هذه الحياة، هذه الحياة تافهة رخيصة، نحن نسعى إلى الحياة الأبدية» وفي يوم 13 يونيو عام 2003 أعلنت السلطات الإسرائيلية أن أحمد ياسين لا يتمتع بحصانة وأنه عُرضة لأي عمل عسكري إسرائيلي.

محاولة اغتيال

تعرض في 6 سبتمبر عام 2003م الموافق يوم السبت لمحاولة اغتيال إسرائيلية حين استهدفت مروحيات الجيش الإسرائيلي شقة في حي الدرج شمال مدينة غزة بقنبلة زنة ربع طن، كان يوجد بها أحمد ياسين، وكان حيث حلقت طائرة مقاتلة إسرائيلية من طراز إف 16 وأخرى من طراز أباتشي على مستوى منخفض في سماء المنطقة.

وأطلقت قذيفة صاروخية على منزل مروان أبو رأس المحاضر في الجامعة الإسلامية المقرب من حركة حماس، وسقطت القذيفة بعد لحظات من مغادرة ياسين والقيادي في الحركة إسماعيل هنية المنزل، وأصيب ثلاثة فلسطينيين على الأقل بجراح في الهجوم، كما أصاب الصاروخ شقة في عمارة سكنية من ثلاث طوابق مما أدى إلى تدميرها بشكل كامل، إلا أن أحمد ياسين خرج منها سالمًا رغم الدمار الهائل الذي لحق بالبيت.

شهيد صلاة الفجر

وفي يوم الإثنين الموافق 22 مارس عام 2004م قامت الطائرات الإسرائيلية بإطلاق عدة صواريخ استهدفت أحمد ياسين بينما كان ياسين عائدًا من أداء صلاة الفجر في مسجد المجمع القريب من منزله في حي صبرا في غزة بعملية أشرف عليها رئيس الوزراء الإسرائيلي أرئيل شارون.

قامت مروحيات الأباتشي الإسرائيلية التابعة الجيش الإسرائيلي بإطلاق 3 صواريخ تجاه ياسين المقعد وهو في طريقه إلى سيارته مدفوعًا على كرسيه المتحرك من قبل مساعديه، فسقط ياسين شهيدًا في لحظتها وجرح اثنان من أبنائه في العملية وقتل معه سبعه من مرافقيه.

وقد تناثرت أجزاء الكرسي المتحرك الذي كان ينتقل عليه ياسين في أرجاء مكان الهجوم الذي تلطخ بدمائه ومرافقيه خارج المسجد، مما أدى أيضًا إلى تناثر جسده وتحويله إلى أشلاء.
الجريدة الرسمية