رئيس التحرير
عصام كامل

زميل جامعة وعضو جمعية... ونصاب رسمي!


في زيارتي الأخيرة لمصر مررت بأحد الشوارع المزدحمة بالأطباء، ونظرت إلى اللافتات المعلقة، وتعجبت وضحكت!!.. ما هذا الكم الهائل من زمالة الجامعات الأمريكية والبريطانية وعضوية الجمعيات الدولية!!!.. فكل من زار جامعة ولو لساعة أصبح زميلا لهذه الجامعة!!!، وكل من دفع رسوم عضوية جمعية عالمية وهى مفتوحة للجميع، كتبها على لافتة كأنها شهادة علمية.


والهدف معروف للجميع، وهو خداع المريض وإيهامه بخبرة لا يمتلكها!، للأسف انتشر الدجل الطبي في مصر، في ظل غياب تام لرقابة وزارة الصحة الناعسة، ونقابة الأطباء البائسة، مما يسئ للطب في مصر بلا رابط ولا حاسب. فرغم وجود أطباء مصريين على قدر عال من الخبرة والاحترام بالداخل والخارج، وهم الأكثرية إلا أن هذه القلة العفنة من هؤلاء الأدعياء سبة في جبين هذه المهنة الشريفة، وظاهرة يجب القضاء عليها.

فكيف يظهر طبيب في برنامج مدفوع الأجر للدعاية؟، وكيف يعلق طبيب لافتة ضخمة على الطرق كأنه إعلان أحد الأفلام؟!، بل كيف يكتب طبيبا في جريدة عن أبحاث لم يقم بها؟ ونتائج لم يصل إليها؟.. أتذكر قديمًا أن أحد هؤلاء الأطباء ادعى أنه يشفي مرض السكر عن طريق تنقيط الأنسولين في الأنف! ليقف على سلالم عيادته المئات فاتحين أنوفهم بحثًا عن الوهم!

وحديثًا تجد طبيبًا شابًا لم يجف حبر شهادته يدعي أنه جراح وخبير في أمراض القلب، ولم يحصل حتى على دبلوم!!، لا توجد دولة في العالم فيها هذا التهريج، وكم الدجل والنصب على أعلى مستوى!، أعتقد أنه قد حان الوقت للأطباء الشرفاء أن يفضحوا هؤلاء المحتالين والإبلاغ عنهم وعزلهم من هذه المهنة التي أساءوا إليها سعيًا وراء المال!.

وللأسف الشديد هناك أيضًا أربعة أنواع من الأطباء يسيئون لمهنتنا الشريفة، أيَّما إساءة وأنا شخصيًا لا أعتبرهم أطباء وهم:

١- الطبيب الذي يتعالى على مرضاه، ويتحدث إليهم من برج عاجي هم دونه، فيتباهي فيه بعلمه ومعرفته.

٢- الطبيب الذي يسخر ويُسَّفِه آراء زملائه من الأطباء، ويراهم جهلة، وهو الوحيد العارف والمكتشف لحقيقة المرض وأسلوب علاجه.

٣- الطبيب الذي يبالغ في التحاليل والفحوص الطبية، ولا يراعي قدرة المريض المادية، خاصة إن كان يجري هذه الفحوص في عيادته أو عند دائرة أصدقائه.

٤- الطبيب الذي لا يرى المريض إلا بنكًا ممولًا لجيبه، فيقف بعد الولادة أو الجراحة على باب غرفة العمليات، ليتقاضى أجره نقدًا قبل الاطمئنان على مريضه.

ناهيك عن مستشفيات بئر السلم وعيادات الأوزون والأعشاب والليزر والشفط وإعادة الشباب!!!.. أتمنى أن تخجل هذه الفئة القليلة من نفسها وتعرف أنها تسئ لواحدة من أشرف المهن وأكثرها إنسانية.

شكرًا لكل طبيب شريف احترم نفسه ومهنته وساعد مرضاه في تفانٍ وإخلاص بعيدًا عن المادة، ومنهم الكثيرون في مستشفيات وزارة الصحة ممن يتقاضون الملاليم، وغيرهم من العظماء في جامعاتنا المصرية. لقد أصبح السكوت على هذه المهزلة جريمة! فمهما كنت طبيبًا بارعًا ستكون يومًا مريضًا ضعيفًا ترجو الرحمة ولربما لن تجدها!.
الجريدة الرسمية