تحتاج إلى التوقير لا التكريم
كمجموعة أصدقاء اعتدنا الجلوس سويا لمناقشة الأفكار المطروحة على الساحة، وكان من بينها الاحتفال بعيد الأم، حيث راح بعضنا يقول إنها لا تحتاج إلى التكريم بل الرعاية والاهتمام كما حدثنا القرآن الكريم: "إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا"..
والآية هنا لم تنهنا عن سوء الخطاب مع الوالدين فقط، بل إنها أمرت واشترطت أن يكون القول قولا كريما، لا إهانة فيه ولا تعجيز ولا تقبيح، إضافة إلى وجوب خفض الجناح لهما حتى وإن كان فيه بعض المشقة على النفس.
هكذا دار الحديث بيننا نحن مجموعة الأصدقاء عن عيد الأم، حيث اختلفت الرؤى وإن اتفقت الأفكار، فقد كان لكل منا منطقه في الحديث، وراح كل منا يتحدث عن دورها في حياته، وكيف كانت نعم السند في بعض الأحيان، وانبرى كل منا في الحديث بين مطالب ومؤيد لتكريمها يوما في العام كتقليد عالمي لا بدعة فيه، ولا غضاضة، خاصة وأن مشاغل كل منا أبعدته حتى عن نفسه..
وأن هذا الأمر لا عيب فيه ويا حبذا لو ترك كل منا مسئولياته، ومشغولاته وكرس لها هذا اليوم، وبين قائل إنه لا يكفيها يوم واحد للتكريم فنبينا الكريم حين جاءه أحد الصحابة يسأله من أحق الناس بحسن صحابته قال أمك قال ثم من قال أمك قال ثم من قال أمك قال ثم من قال أبوك، وقد ذكر صلى الله عليه وسلم حسن صحابة الأم ثلاث مرات ولم يذكر حسن صحابة الأب إلا مرة واحدة..
وهذا دليل على ضرورة حسن رعاية الأم وليس تكريمها ليوم واحد فقط، وهنا تعالت صيحات أحدنا ليقول يكن ما يكون وكل عام وأنتم بخير.