حق الشهداء الضائع
لا تزال وجوه الأمهات والزوجات والأطفال الحيارى تقلق مضجعى، كلما حانت أيام الاحتفاء برجال فاضت أرواحهم إلى بارئهم ثمنا لاستقرار أوطانهم وأمان بلادهم، جادوا بدمائهم وأرواحهم من أجل أن أظل هنا في مأمن خلف شاشة الكمبيوتر، أكتب إلى الناس، وأعود إلى منزلى، فأراه آمنا وأبنائى مطمئنين، وجيرانى ينعمون بنعمة الهدوء والأمان والاستقرار، وحدودى لاتزال في عنق زملاء لهم ينتظرون الدور، دون خوف أو رهبة، من قدر تفرضه لحظة تاريخية فارقة.
أقول ويقول غيرى، أكتب ويكتب أمثالى، يتغنى الشعراء ببطولاتهم، يقدم المدرس في فصله قصصا وملاحم بطولية نادرة، تحكى الأمهات لأبنائهم عن هؤلاء الذين وقفوا بصدور الشجاعة والجرأة والإقدام في مواجهة عدو غاشم، تقام الاحتفالات وتنصب المؤتمرات وتعقد الندوات، تنهمر الدموع وتفيض سيول الذكريات، ويبقى الوضع على ماهو عليه، مجرد تذكار وينفض المولد، بلا عمل حقيقي، أو إستراتيجية واضحة ومحددة لرعاية أسر هؤلاء الذين ضحوا بالحياة من أجلنا.
أتصور أن عملا حقيقيا لتبنى إستراتيجية ترعى الأبناء والزوجات والأمهات، حق التعليم في أعظم المدارس والجامعات، حق العمل لأبنائهم، حق الرعاية الصحية والاجتماعية، الحق في الحياة أبسط ما نقدمه لأسر من فقدوا الحياة دفاعا عن قيمة الأمن، ودرة الاستقرار، الحق في حياة كريمة يسنها قانون تحدد فيه كافة حقوق هؤلاء أفضل من الأغانى والقصائد والمؤتمرات والندوات.
لا يجب أن يطرق ابن الشهيد الأبواب، ففتح الأبواب أمامهم حق وواجب، لا يمكن أن يظل هؤلاء أسرى الحاجة والعوز والفاقة، حق هؤلاء في قانون يضعهم فوق الرءوس، ويقدمهم نماذج لكل بطل يقف شاهرا سلاحه في مواجهة عدو أو ناقم أو حاقد هو الضمان الحقيقي لفكرة الانتماء، العفة هي نصيب الأبناء والزوجات والأمهات، وصون كرامتهم وآبائهم هو أفضل ما نقدمه لهم حقا، وليس فضلا، من مجتمع لا يزال يخوض حروبا من أجل الإنسانية كلها وليس من أجل مصر وحدها.