رئيس التحرير
عصام كامل

«قوم يا مصري».. أغاني ثورة 19 التي ألهبت الحماس ضد المستعمر.. سيد درويش «زعيم» سياسي بـ«العود».. منيرة المهدية تتحدى سلطات الإنجليز.. ونعيمة المصري صاحبة أغنية «يا ب

ثورة 1919
ثورة 1919

كثيرا ما كان الفن مرآة للواقع، وخير موثق لكثير من الأحداث التي تمر بها الأمم، وخير مُعبر عن أحلام وآمال البلاد والعباد، وهكذا كان الفن حينما «هب» الشعب وثار ضد الاستعمار عام 1919، في ثورة شعبية التحم فيها الشعب المصري بمختلف فئاته وأطيافه لتحقيق هدف واحد، ألا وهو سقوط الاحتلال الإنجليزي والاستقلال التام أو الموت «الزؤام».


توثيق
ولقد كان الغناء، باعتباره أحد فروع الفنون، خير أداة لتوثيق هذه المرحلة الفاصلة من تاريخ مصر، ونافذة مُثلى لتسجيل أحلام وآمال المصريين في لحظة حاسمة فاصلة من عمر المحروسة، فمع ثورة الشعب وانتفاضته ضد الاحتلال واحتجاجًا على نفى زعيم الأمة سعد زغلول، ظهرت أغنيات في خضم هذا الحدث الثورى أججت الشعور الوطني بداخل نفوس المصريين، وعبرت بصدق عن هذا الحراك الاجتماعي والحدث الثوري.

وخلدت هذه الثورة التي يمر على ذكراها قرن من الزمان، وكانت هي صوت الثورة في وقت أسكتت فيه قوى الاحتلال البريطانى الأحزاب والقادة السياسيين، ويصعب أن يتم ذكر ثورة 1919 والأعمال الفنية التي تولدت عنها، بدون الإشارة إلى فنان الشعب، وفنان هذه الثورة وصوتها، الراحل سيد درويش، رائد الأغنية الوطنية في العصر الحديث، فقد تمكن درويش بألحانه وصوته من المناداة بمطالب هذه الثورة الشعبية والتعبير عنها.

بديع وسيد
ولقد ظهر هذا جليًا في أغنيته التي كتبها بديع خيري«قوم يا مصري مصر بتنادي عليك.. خد بنصري.. نصري دين واجب عليك»، والتي خلدت أحلام المصريين وآمالهم بالوصول إلى الحرية المنشودة والتخلص من الاستعمار وحمستهم وحفزتهم على الثورة.

كما كان نشيد مصر الحالى «بلادى بلادى.. لكِ حبي وفؤادى»، والتي ألفها الشيخ يونس القاضى والمستوحى من خطاب للزعيم مصطفى كامل، أحد الأغنيات التي عبرت عن ثورة 1919، وكان بمثابة قوة روحية دفعت الشعب المصري لمقاومة الاحتلال البريطاني.

وكذلك كانت أغنية «إحنا الجنود زى الأسود» و«أنا المصري كريم العنصرين»، وكان آخر أعمال درويش الوطنية أنشودة سعد زغلول، التي كتبها ولحنها تحية لهذا الزعيم يوم عودته للوطن عام 1923، ولكن قضاء الله حال بينه وبين الاحتفال بعودة سعد إلى مصر، فقد توفاه الله قبل عودته بيومين، وكانت الأغنية تقول: «مصرنا وطننا سعدها أملنا.. كلنا جميعًا للوطن ضحية.. أجمعت قلوبنا هلالنا وصليبنا.. أن تعيش مصر عيشة هنية».

منيرة المهدية
بالإضافة إلى أغنيات سيد درويش، كانت منيرة المهدية، سلطانة الطرب آنذاك، داعمة قوية لثورة 1919، وكانت لها لمسة وطنية تزامنًا مع هذه الثورة الشعبية، ففي الوقت الذي مُنع فيه التلفظ باسم سعد زغلول باشا بفعل قرارات من المستعمر الإنجليزي إلى الدرجة التي تجعل من يفعل ذلك عرضة للسجن ستة أشهر مع الشغل والجلد 20 جلدة، تغنت منيرة لسعد بصورة غير مباشرة من خلال طقطوقة: «شال الحمام حط الحمام.. من مصر السعيدة لما السودان.. زغلول وقلبى ما له.. أنده له لما احتاج إليه».

ولقد انتشرت هذه الأغنية التي كتبها يونس القاضى، ولحنها محمد القصبجي وحققت نجاحًا ملحوظًا، ولم تكن السلطانة وحدها التي تغنت بصورة غير مباشرة للزعيم سعد، فقد تغنت نعيمة المصري، ومعها الأمة المصرية، لسعد زغلول، بكلمات طقطوقة: «يا بلح زغلول.. يا حليوة يا بلح.. يا بلح زغلول يا زرع بلدي.. عليك يا وعدى يا بخت سعدى»، تلك الأغنية البسيطة التي ألفها بديع خيري ولحنها سيد درويش والتي تحمل في طياتها معان سياسية، وانتشرت كالنار في الهشيم ليهتف بها الشعب المصري في الشوارع تصديًا وتحديًا لقرارات المستعمر البريطانى كبديل للهتاف باسم سعد.

"نقلا عن العدد الورقي..."
الجريدة الرسمية