«قاهر المستحيل».. إبراهيم حمدتو لـ«فيتو»: أحلم بتحقيق ميدالية أوليمبية بطوكيو 2020.. بُترت ذراعي في حادث قطار فكانت سببًا وصولي للعالمية.. وقُبلة «السيسي» على جبيني أكبر
إبراهيم الحسيني عبد الخالق حمدتو، ولد في الأول من يوليو لعام 1973 بمحافظة دمياط، تعرض لحادث قطار وهو في سن العشرة، نتج عنه بتر ذراعيه من أعلى المرفقين، ليقضي باقي عمره بدونهما، لكنه لم يعطِ لليأس فرصة أن يتملك منه، فوقف له بالمرصاد متحديًا المواقف التي تعرض لها ليصل إلى أعلى منصات التتويج الرياضية، بتأهله إلى دورة الألعاب الأوليمبية للبارالمبيين، في ريو دى جانيرو 2016، ليمثل مصر كبطل لقارة أفريقيا.
التقت «فيتو» مع إبراهيم حمدتو، المعروف بـ«قاهر المستحيل» على هامش مشاركته في بطولة الرواد لتنس الطاولة ببني سويف، ليروي لنا رحلة تحديه لإعاقته التي بدأت منذ بلوغه العاشرة من عمره، التي غيرت بوصلة حياته تمامًا، وكانت سببًا وصوله للعالمية، وصنع مجدًا كان أشبه بالمستحيل، بعد أن رفض الاستسلام، ليصبح حديث القاصي والداني، وكان لنا معه هذا الحوار.
البداية
وفي البداية تحدث «حمدتو» عن حادثة القطار التي تسببت في إعاقتك، فقال «هذه الفترة كانت من أصعب الفترات التي مرت على بعدما تعرضت لبتر ذراعي، وأنا في سن صغيرة، لكني لم يتملك مني اليأس وقتها وحاولت أن أكمل حياتي ولعبت كرة القدم، الأمر لم يستمر طويلًا بسبب صعوبة مجاراتي لزملائي في الملعب؛ لعدم قدرتي على الحفاظ على توازني أثناء الجري أو الالتحام مع باقي اللاعبين، فأصبحت مجبرًا على عدم استكمال السير في هذا الطريق».
ويضيف «بعد أن تركت ممارسة كرة القدم، كنت أذهب لمشاهدة أصدقائي وهم يمارسون لعبة تنس الطاولة ومع مرور الوقت جذبتني تلك اللعبة وكنت في البداية أدير المباريات كحكم، بسبب تواجدي بشكل شبه دائم مع أصدقائي، وشخص ما كان هو سبب ممارستي اللعبة، بعدما تحداني بأنني لن أستطيع اللعب أمامه، ولذلك قررت التدريب لأكون قادرًا على مجاراته وهذا بالفعل ما حدث، لكنني اصطدمت بحقيقة وهي صعوبة الإمساك بالمضرب بيدي، فحاولت عدة مرات لأتوصل في النهاية للإمساك به بفمي وانتزاع الكرة من الأرض بقدمي، وبعد فترة طويلة من التدريبات استمرت لثلاث سنوات، والتأكد بالفعل من القدرة على اللعب أمام هذا الشخص، قررت مواجهته في مباراة تحدٍ وذلك في عام 1986 وبالفعل تمكنت من الفوز عليه في تلك المباراة.. لتكون بعدها البداية الحقيقة.
أول البطولة
أما عن أول بطولة فيقول عنها «حمدتو»: «لا أنسى أول بطولة أفريقية شاركت فيها والتي كانت في عام 1991، وحصلت وقتها على الميدالية الذهبية الشرفية، لتكون بمثابة دافع كبير لي لاستكمال المشوار ومحاولة تحقيق الإنجاز بعد ذلك، وبعد تلك البطولة شاركت في العديد من المنافسات لكن سيظل أهمها حصد الميدالية الفضية في بطولة أفريقيا عام 2015 والتي أهلتني للمشاركة في دوري الألعاب البارالمبية في ريو دي جانيرو بالبرازيل عام 2016».
الصعوبات
الطريق لم يكن بتلك السهولة، هناك الكثير من الصعوبات يتحدث عنها البطل الأفريقي «كنت أسافر من دمياط إلى القاهرة بشكل شبه يومي من أجل التمرين، وهذا الأمر يعد صعبًا للغاية ومرهق في نفس الوقت، فأقضي تقريبًا اليوم بالكامل ما بين السفر ذهابًا وإيابًا في الطريق وساعتين على أقل تقدير في المران، وهناك صعوبات أخرى غير السفر وهي توفير الأدوات اللازمة للتدريب تحتاج للكثير من المال وهذا لم يكن متوفر بشكل سهل قبل عام 2015 ولا أنسى تلك الفترة التي كان قريبًا من ترك اللعبة بشكل نهائي، وهي التي ما بين أعوام 2013 وحتى عام 2015، لم تكن سهلة فكان شعوري بأنني لا عائد من كل تلك المحاولات التي أقوم بها، خاصة مع عدم التفات أحد لي، بالإضافة للصعوبات المادية التي كنت أواجهها لمواصلة المران بالتوازي مع الالتزامات الأسرية».
طعم النجاح
كان لا بد من هذا الشقاء أن يُكلل بالنجاح «في نهاية أواخر 2015 تبدل الحال من التعب والجد، إلى الانتصار وحصد النجاح، ففزت بالميدالية الفضية دورة الألعاب الأفريقية البارالمبية وبعدها أصبحت حديث الشارع، وأكملت الإنجاز بالتأهل للمشاركة في الألعاب البارالمبية في ريو 2016، حينها رأيت أن هناك بصيص أمل يلوح في الأفق، تلك الفترة كانت من أعظم اللحظات التي مرت على، عندما رأيت الموقع الرسمي للاتحاد الدولي لتنس الطاولة ينشر مقطع فيديو خاص بي ويشيد بأدائي وإصراري، الأمر الذي جعلني أواصل سعيي للحفاظ على ما وصلت إليه».
تكريم الرئيس
لم تقف الأمور عند هذا الحد، بل وصل البطل الأفريقي إلى التكريم من قبل الرئيس السيسي، ويحكي عن كواليس اللقاء فيقول «رئاسة الجمهورية أخبرتني قبلها بأكثر من أسبوعين بحضور المؤتمر، بشرم الشيخ، وطلبوا مني تصوير فيديو لعرضه خلال المؤتمر ولم يخبروني بالتكريم، وفوجئت بأن الرئيس يكرمني خلال فعاليات المؤتمر، وقبلته على جبيني كانت أكبر دليل على أبوية الرئيس ودعمه الكامل للشباب ومتحدي الإعاقة، فهو حريص على دعم ومساندة النماذج الناجحة».
وعن حلمه القادم يقول «أحلم بتحقيق ميدالية أوليمبية، رغم الإخفاق في ذلك في عام 2016، لكني حاليًا ازداد إصرارًا عن ذي قبل، وأنا الآن أكثف الجهد أضعاف وأحاول التدريب في المنزل والسفر أيضًا للقاهرة للحصول على بعض التدريبات حتى أكون جاهزًا لمنافسات بطولة أفريقيا المؤهلة لأولمبياد طوكيو 2020، التي أتمنى أن أحقق فيها ميدالية، رغم أنني اللاعب الوحيد الذي أخوض المنافسات مستخدمًا فمي وهذه مقارنة غير عادلة وبقية اللاعبين يمسكون المضرب بأيديهم».