فرنسا وأحداث الجزائر
الموقف الذي اتخذته فرنسا من الاحتجاجات التي تشهدها الجزائر على ترشح الرئيس الجزائرى "عبدالعزيز بوتفليقة" لفترة رئاسية خامسة لفت انتباه كثير من المراقبين، فإن باريس لم تندفع مثلما فعلت من قبل تجاه ما شهدته تونس ثم ليبيا في تأييد هذه الاحتجاجات الجزائرية، ولم تُمارس ضغوطا على الجزائر للاستجابة لمطالب المحتجين، وإنما على العكس تماما أيدت باريس إجراء الانتخابات الرئاسية في الجزائر.
وحذرت من سقوط الجزائر في اضطرابات سيكون لها تداعياتها الخطيرة ليس فقط على شمال أفريقيا، وإنما على أوروبا أيضا، التي يعيش فيها جاليات كبيرة من الجزائريين، ولفرنسا النصيب الأكبر من أبناء هذه الجاليات.
وقد فسر البعض الموقف الفرنسي تجاه احتجاجات الجزائر بأن الإدارة الفرنسية الحالية استوعبت درس ليبيا، التي صارت الآن مرتعا لتنظيمات وجماعات الاٍرهاب، التي تجاوز خطرها جيران ليبيا ليصل إلى أوروبا، وقد يكون ذلك صحيحا، خاصة وأن "من تلسعه الشوربة" كما يقول المثل الشعبى المصرى "ينفخ في الزبادى".
ولذلك لم تذهب باريس حتى إلى الموقف الذي اتخذته واشنطن تجاه الاحتجاجات الجزائرية، والذي تمثل في مطالبة السلطات الجزائرية باحترام حق التظاهر، وهو موقف يحمل نقدا ضمنيا وغير مباشر لتصدى هذه السلطات للمتظاهرين.
غير أن هناك أيضا من رأوْا أن الإدارة الفرنسية التي عانت ومازالت من احتجاجات داخلية لأصحاب القمصان الصفر ما كان لها أن تشجع احتجاجات الجزائر، في وقت تتصدى فيه لاحتجاجات داخلية.
على كل حال وأيا كانت الأسباب، فإن موقف فرنسا تجاه الجزائر اختلف عن موقفها الذي اتخذته تجاه ليبيا، ومن قبلها تونس، وأمريكا أيضا اختلف موقفها، ولعل هذا أمرا لابد وأن من يهمهم الأمر قد استوعبوه وأدركوه.