الحرام السياسي!
أن تستثمر سياسيا المعارضة حادثا مروعا مثل حادث محطة مصر أمر مفهوم وليس مفاجئا أو غريبا، فهذا ما تلجأ إليه المعارضة في كل مكان في العالم، لأن جوهر المعارضة هو السعى لإبعاد من يجلسون على مقاعد السلطة عن هذه المقاعد والجلوس عليها بدلا منهم، ولذلك لا تفوت عادة المعارضة فرصة لإضعاف السلطة القائمة، وهز ثقة الرأى العام فيها، حتى ينصرف عنها الناخبون في أول انتخابات مقبلة.
لكن أن يعزف بعض ممن يعارضون، أو فلنقل من يرفضون الحكم القائم في مصر على أنغام الإخوان، وهم يستثمرون حادث محطة مصر سياسيا، فهذا هو الأمر المدهش والغريب ولنقل المريب أيضا، فإن الإخوان -هكذا أثبتت التجربة- لا يسعون إلا للاستيلاء بمفردهم على الحكم، كما حدث بعد يناير ٢٠١١، ولأنهم يعرفون قدر جماعتهم الضعيف جدا مصريا، وأنهم صاروا منبوذين شعبيا.
فهم يسعون للالتحاف بالمعارضة المدنية، وبالرافضين أو الكارهين لحكم الرئيس السيسي، وذلك لتفعيل ما يقومون به ضدهم منذ الثالث من يوليو ٢٠١٣، ومنحه زخما أكبر من قدراتهم وتأثيرهم، وعندما يسير معارضون ورافضون للحكم الحالى في ذات طريق الإخوان، أو بالأصح وراءهم، فإنهم يسلمون رقابهم لهذه الجماعة الفاشية، ويكررون ذات الغباء الذي عانينا منه من قبل، وقادنا إلى كارثة وصول الإخوان لحكم البلاد عام ٢٠١٢، وهى الكارثة التي عانى منها أيضا بعض هؤلاء المعارضين والرافضين.
عارضوا كما تشاءون ولا تغيروا مواقفكم من الحكم الحالى فهذا شأنكم، ولكن إياكم أن تسيروا وراء الإخوان بعيون مغمضة، وأن تسلموا لهم قيادتكم كما فعلتم قبل ثمانية أعوام مضت، فاستخدمكم الإخوان في ركوب السلطة والانفراد بها، والسعى لأخونة كل مؤسسات الدولة، ولم ينقذنا من هذا المصير سوى انتفاضة عارمة لشعبنا، ودعم ومساندة من قواتنا المسلحة.. انتبهوا حتى لا يغرر بكم الإخوان مجددا.. فهذا هو الحرام السياسي.