زغلول صيام يكتب: بالمستندات.. بلاغ لرئيس وزراء مصر.. فساد مافيا «إستاد القاهرة» فوق «الرُكب».. إهدار ملايين على الدولة في مناقصات مشبوهة تربحها «شركات الباطن».. وآلاف الأ
اللجنة الرياضية كلمة السر... ومطلوب إعادة فتح الملف في النيابة والنظر إلى تقارير الأجهزة الرقابية
الدولة تبحث عن كل مليم لإنقاذ الموازنة، وتقليل مساحات العجز التي تعاني منها، والرئيس عبد الفتاح السيسي أعلنها صريحة بالحرب على الفساد، واسترداد حق الدولة عند الأفراد والهيئات، وبدأت سياسته في التفعيل، لكن يبقى اللغز الأكبر في استاد القاهرة.
هيئة «استاد القاهرة» التي ظلت على مدار سنوات مرتعًا للفساد، وحظى مسئولوها بحماية خاصة على مر العصور، تارة بحجة أن حفيد الرئيس مبارك يتدرب هناك، أو الإشارة إلى أن هناك من يحظى بحماية خاصة، حتى تحولت الهيئة بمرور السنوات إلى عبء كبير على موازنة الدولة، بدلًا من أن تكون مؤسسة تحقق أرباحًا سنوية، من خلال منشآت عملاقة دفعت فيها الدولة الغالي والرخيص حتى تكون على أعلى مستوى.
لكن هناك من ظن أن الاستاد ملك للعاملين فيه، أو أنهم ورثوا الأرض الكائن عليها إستاد القاهرة، وبدأ في استغلالها بعيدًا عن موازنة الدولة، والكل يعرف كم تكلفة المتر في هذه البقعة الغالية من أرض مصر، ولكن مسئولي الاستاد يرون أنها لا تساوي «ملاليم».
الحقيقة.. أن الحكاية بدأت فصولها منذ 9 سنوات تقريبًا، في 2010، عندما خططوا لاستغلال أرض استاد القاهرة لتحقيق أرباح خيالية بعيدًا عن ميزانية الدولة، واخترعوا اسم اللجنة الرياضية، وهي لجنة تهتم برعاية العاملين في الاستاد اجتماعيا، غير أنها سرعان ما تحولت إلى شركة «من الباطن» تدخل مناقصات الاستاد، وتفوز بها من خلال إعلانات في صحف رسمية حسب القانون، لكنه طبعًا إعلان كان ينشر بـ «بنط» يحتاج إلى ميكروسكوب لفك طلاسمه، وذلك لضمان عدم دخول أحد المناقصة، وأن يرسو العطاء عليهم.
ست قطع أرض في استاد القاهرة في أغلى أماكن مصر، مساحتها تتجاوز آلاف الأمتار، والذي يثير الدهشة والريبة ما تم ذكره في شروط المناقصة على القطع الست، حيث تقول الشروط: «نحو 30 ألف متر، ونحو 900 متر، ونحو 600 متر، ونحو كذا...إلخ».. وكأن هيئة استاد القاهرة لا تمتلك وسيلة لتحديد الأبعاد بدقة، لكنهم طبعًا معذورون، لأن الأرض واسعة، ولا يتم تأجيرها بالمتر.
تخيل كل هذه المساحات لو تم تأجيرها بعدالة، لحققت أكثر من 50 مليون جنيه، وليس 750 ألف جنيه في العام كما حدث في مناقصة 2010، ولأن أعضاء اللجنة رأوا أن المبلغ «كده كبير اوي» تم الإعلان عن مناقصة ثانية وتجديد التعاقد بـ710 آلاف جنيه في عام 2016.. أرجوك عزيزي القارئ لا تُستفز.. ما زلنا في بداية طريق الكشف عن الفساد الذي عشش في أركان المنظومة.
قانون المناقصات في مصر يشترط تقديم سجل وإقرار ضريبي لاستيفاء الأوراق للتقدم للمناقصة، وتم التغاضي عن ذلك، ولا بد أن ترسو على اللجنة الرياضية التي لا تهدف للربح أيضًا!.. أما العائد فيذهب في جيوب الله أعلم بأصحابها.. تخيل يا مؤمن أنه يتم صرف مكافأة للعاملين بمناسبة شم النسيم!.. آه ممكن اقتنع بمكافأة عيد الفطر وعيد الأضحى وحلاوة مولد النبي، لكن شم النسيم.. جديدة..!!
ولسنوات طويلة كان عندما يشكو أحد من الوضع هناك، تذهب الشكوى إلى النيابة التي تحيلها إلى لجنة الخبراء، فتؤكد اللجنة أن الوضع قانوني وسليم حتى يتم حفظ الموضوع، ولكن ظهر الجديد الذي يحتم على النيابة العامة أن تعيد فتح القضية من جديد، بعد أن استجدت أوراق في القضية، متمثلة في خطاب رسمي من مصلحة الضرائب يؤكد أن اللجنة الرياضية للعاملين باستاد القاهرة لا توجد لها ملفات، سواء سجلًّا أو إقرارًا ضريبيًّا، وهو ما يعني ويؤكد - بما لايدع مجالًا للشك - أن إجراءات المناقصة باطلة، ليس هذا فقط، ولكن هناك تقريرًا مختومًا بـ«ختم النسر» موجهًا من الرقابة الإدارية لمكتب النائب العام، يؤكد كل المخالفات الموجودة، ومنها عدم وجود سجل أو إقرار ضريبي، وهو ما ينسف المناقصة من الأساس، وهو الأمر الذي كشفته تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات، والتي أكدت وجود المخالفات الجسيمة التي تحتاج إلى تحرك سريع من الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس وزراء مصر، من أجل الحفاظ على المال العام.
سيادة رئيس الوزراء.. الفساد في هيئة استاد القاهرة تعدى «الرُّكَب»، وبات عبئًا على الدولة، لأن مسئوليه أصبح لا يعنيهم سوى الربح الخاص، وقد لفتنا النظر فيما سبق لما يحدث في أرض الاستاد، التي تستعد لبطولة الأمم الأفريقية، وحتى الآن لا توجد بادرة أمل..!
ودعونا نتساءل: هل كل من يتولى منصب مدير الهيئة مُحصَّن من الخطأ، أو أنه يمتلك حصانة من نوع خاص تجعله فوق القانون؟!.. وأريد التأكيد هنا أننا لا نتهم أحدًا صراحة بالفساد ولا نمتلك ذلك، ولكن عدم إدارة أموال وأصول الدولة بشكل احترافي أعتبره أكثر خطورة من الفساد نفسه، لأنه ربما يكون هناك فاسد وتستفيد الدولة، ولكن هناك فاشل يتسبب في خسارة الدولة كل شيء.
هذا بالضبط ما يحدث في استاد القاهرة، وقد كنت شاهدًا عليه منذ سنوات طويلة، ولكن كان هناك من يتمتع بحماية من الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك، وهناك من يدافع عنه، ولكن في حدود علمي أن الدولة الآن لا تتستر على فاسد، أو مهمل، مهما كان حجمه، ولعل إقالة وزير النقل مؤخرًا خير دليل على ما نقول.
وإذا كان موضوع أرض المواقف الست تحوَّل إلى «سبوبة» يستفيد بها البعض بعيدًا عن خزينة الدولة بدليل الأوارق المالية المهلهلة، فإن ما يتم في عملية التطوير يحتاج إلى مجلدات وأوراق، ولهذا لا بد أن تتدخل الدولة بكل ثقلها، لإعادة حقها من الأموال المهدرة بالملايين.
أتفهم وأستوعب أن اللجنة الرياضية تنظم رحلة أو تساند موظفًا في محنة أو ... أو ...، ولكن أن تدير مشروعًا فهذا أمر خارج حدود الوظيفة، وأصبح وكأنَّ الاستاد وما عليه إرث خاص للمسئولين فيه، مع الأخذ في الاعتبار أنهم موظفون يخضعون لقانون الدولة، وكان عليهم تطوير فكرهم في تحقيق أرباح من المنشآت داخل الاستاد، سواء الحمام الأوليمبي أو الصالات المتعددة أو الملاعب الفرعية، وأتمنى أن يطلب رئيس الوزراء ملفًا كاملًا عن حجم الأموال التي دفعتها الدولة على مدار آخر عشر سنوات في استاد القاهرة والمردود الذي تحقق.
ومن المؤكد أن الأرقام ستكون مذهلة للغاية وستجبره على فتح الملف دون الانتظار لبطولة الأمم الأفريقية، وإذا كنا جادين فعلًا في التحقيق فلابد أن يتم استبعاد العاملين في الاستاد من عمليات فحص الأوراق وأولهم المدير التنفيذي من أجل الشفافية... وأصبح الملف برمته على مائدة رئيس الوزراء.
"نقلا عن العدد الورقي"