رئيس التحرير
عصام كامل

الصحفيون.. والاختيار الصعب!


مجد الصحافة وتاريخها المهيب لم ينشأ في فراغ بل جاء نتاج تضحيات ودماء ودموع ونضال مشرف ضد الاستعمار تارة وضد الفساد مرات ومرات، لتصنع للكلمة قدسيتها حتى نال الجورنالجي –وهو من يمتهن الصحافة- إجلالًا وإكبارًا داخل مجتمعه.. والسؤال المهم: هل حافظ الصحفيون على هذا السجل المشرف والتقدير المجتمعي أم تراجع كل ذلك؟! 


اتجهت أصابع الاتهام للصحافة بعد أحداث يناير بالتسبب في البلبلة وتراجع القيم وانحراف المسار، فضلا عن تفاهة التناول والإغراق في توافه الأمور والانصراف عن أولويات الوقت وهموم الوطن ومستقبله.. لقد بات التقدير المجتمعي لصحافتنا محل شك كبير بعد فقدان المصداقية وتراجع اهتمام الإعلام والصحافة بشواغل المواطن.

ما أكثر ما تعانيه صحافتنا اليوم من آفات ومصاعب، أهمها في رأيي غياب التواصل بين الأجيال وانعدام تناقل الخبرات وغياب المعلم القدوة في المهنة، وغياب قيم التنوير والتثقيف عن عقول كثير من حملة الأقلام، وانصرافهم عن معارك الوطن في البناء والبقاء وحرب الإرهاب والتطرف والتصدي لقضايا الجماهير وأوجاعها الحقيقية.

ولا عجب أن تطفو الغوغائية والنفعية على سطح صاحبة الجلالة، وأن يقل المبدعون ويتلاشى صناع المجد والقيمة، وأن تصبح الصحافة مهنة من لا مهنة له، كالضوء يجذب الفراشات ثم تحترق بناره في النهاية.. وهو ما يطرح سؤالًا مهمًا: هل ينجح النقيب الجديد ومجلسه في إصلاح صحافتنا وإعادتها لجادة الصواب والمصداقية، والتأثير الحقيقي واجتذاب جمهور جديد يؤمن بجديتها ورسالتها الحقيقية..

هل تتحرك النقابة لاستصدار قانونها الجديد الذي أرجو أن يتبناه مجلسها ليكون عونًا للجماعة الصحفية في أداء واجباتها، واستعادة هيبتها وتأثيرها في المجتمع.. وهل يجد قانون حرية تداول المعلومات طريقه إلى النور، والذي من دونه يظل من الصعب ضبط منظومة الإعلام وتصحيح أخطائها؟! 

الارتقاء بالرعاية الصحية للصحفيين وتوسيع مظلتها، وإتاحتها بأسعار تناسب دخولهم الضعيفة مطلب مهم ينتظر النقيب الجديد ومجلسه أيضًا.. ويبقى السؤال: هل تسهم نقابة الصحفيين وهيئات الصحافة والإعلام ومجالسها في عودة إعلام الزمن الجميل واستعادة وجهه المشرق، وتطوير الأداء بمزيد من التدريب وتبادل الخبرات والتقويم المستمر لهذا الأداء، حتى تعود الصحافة لمعدلات مناسبة في التوزيع والإعلانات لتتمكن من الوفاء بالتزاماتها دون انتظار دعم الحكومة.

رجاؤنا أن تكتمل عمومية الصحفيين في اجتماعها 15 مارس الحالي لتقرير مصيرهم واختيار من يمثلهم، ويحمي مصالحهم، وإن كانت عملية الاختيار ستكون صعبة ومحيرة في ظل المعروض من المرشحين سواء من القدامى أو الجدد.. ولكن علينا أن نقدم نموذجًا معتادًا في حرية الاختيار وشفافيته في عرس ديمقراطي نباهي الدنيا بنزاهته التي حافظنا عليها حتى في أعتى عصور التزوير.
الجريدة الرسمية