رئيس التحرير
عصام كامل

الكوتا البرلمانية في ضوء الضرورة وصناعة الأزمة


"الكوتا" تعبير لاتيني يعنى نظاما انتخابيا يهدف إلى ضمان حقوق الأقليات في الانتخابات العامة للوصول إلى السلطة السياسية، و"الكوتا" تشكل تدخلًا إيجابيًا لتحقيق المساواة والتقليل من التمييز بين فئات المجتمع المختلفة، ويرجع الأصل التاريخى لنظام "الكوتا، إلى الولايات المتحدة الأمريكية على أساس اتباع سياسة تعويض الجماعات المحرومة إما من قبل السلطات الحكومية أو من قبل أصحاب العمل في القطاع الخاص..


وقد كان في الأصل ناجمًا عن حركة الحقوق المدنية ويتصل بالأقلية السوداء، وأطلقه الرئيس كيندى عام 1961، وبالتالى فإن نظام "الكوتا" نشأ في الغرب وفى الولايات المتحدة الأمريكية بوجه خاص لمعالجة مشكلة اجتماعية هناك خاصة بالفئات المهضومة أو المضطهدة أو المهمشة وفق النظام الغربى العنصرى.

وعلى ذلك يتضح أن تطبيق هذا النظام يكون في المجتمعات التي تعانى من العنصرية ضد فئة من فئاتها، سواء كانت تلك العنصرية عرقية أو دينية أو اجتماعية.

أما المجتمعات التي لا يكون بها تلك العنصرية وإنما تقوم على مبادئ المواطنة والمساواة في الحقوق والحريات فلا ضرورة من تطبيق ذلك النظام، بل إن تطبيقه يكون له آثار سلبية تتمثل في صناعة أزمات في المستقبل وبصفة خاصة عند تطبيق نظام "الكوتا" على أساس دينى أو عرقى، فالأغلبية سوف ترى أنه لا مبرر من تلك النسبة المحجوزة للأقلية طالما لم يكن هناك أي عنصرية تجاهها على المستوى الدستورى أو الواقعى، وأن هناك محاباة لتلك الأقلية في حجز تلك النسبة لهم والأقلية سوف تطمع في المستقبل في زيادة تلك النسبة دون مبرر أو أساس.

وعلى صعيد الدولة المصرية نجد أنها من الدول التي لا تعانى أي تمييز عنصرى تجاه الأقلية الدينية، بل إن كافة المؤسسات بها تعمل على ترسيخ مبدأ المساواة والمواطنة في أبهى صورها، ويتجلى ذلك في تصريح رئيس الدولة عندما ذكر أنه لا يصح السؤال عن ديانة المواطن المصرى، فالمواطن حر في أن يعبد ما يشاء أو لا يعبد، بل إن التطبيق العملى على أرض الواقع يثبت أنه لا يوجد أدنى تمييز عنصرى، وأن المكتسبات في ظل نظام الحكم الحالى للأقلية الدينية أكبر من المكتسبات التي كانت في أزهى عصور الحرية والمساواة في النصف الأول من القرن السابق.

على القائمين على التعديلات الدستورية مراعاة عدم صناعة أزمات طائفية للوطن في المستقبل، وليس عليهم سوى تعقب ما يقوم به رئيس الدولة في هذا الشأن، لأنه استطاع وبحق صياغة سياسات حكيمة لتطبيق مبدأ المواطنة والمساواة وعدم التمييز وإنفاذ ما نصت عليه الدساتير المصرية على مر عصورها.

فالدساتير المصرية بدءًا من دستور 1923 وانتهاءً بالدستور القائم رددت جميعها مبدأ المساواة أمام القانون، وكفلت تطبيقه على المواطنين كافة باعتباره أساس العدل والحرية والسلام، ويتمثل هذا المبدأ أصلًا في صون حقوق المواطنين وحرياتهم في مواجهة صور التمييز التي تنال أو تقيد ممارسة تلك الحقوق والحريات، وأصبح هذا المبدأ في جوهره وسيلة لتقرير الحماية القانونية المتكافئة التي لا يقتصر تطبيقها على الحقوق والحريات المنصوص عليها في الدستور بل ينسحب مجال أعمالها كذلك إلى الحقوق التي يكفلها المشرع للمواطنين في حدود سلطته التقديرية وعلى ضوء السياسة التشريعية التي يراها محققة للمصلحة العامة، ومنع أي صور للتمييز التي تقوم على أساس من العرق أو الجنس أو اللغة أو الدين أو العقيدة.
الجريدة الرسمية