رئيس التحرير
عصام كامل

الإهمال أخطر من الإرهاب.. فاجعة محطة مصر نموذجا!


لا بد أن تعلن الحكومة الأسباب الحقيقية وراء حادث محطة مصر الذي راح ضحيته أبرياء لا نملك إلا أن نحتسبهم شهداء عند الله.

لن يصدق أحد أو حتى يتخيل أن يترك السائق الجرار ويتشاجر مع زميل له، وهو ما أدى إلى وقوع الكارثة وحدوث وفيات وإصابات بالغة وخسائر فادحة تقديراتها الأولية 200 مليون جنيه.


المدهش أن سائق الكارثة خرج في برنامج تليفزيوني وبمنتهى البرود والهدوء واللامبالاة بما حدث، ليعترف بتشاجره مع زميله سائق الجرار الآخر بعد أن نزل تاركًا جراره في وضع التشغيل والسير ثم يختفي بعض الوقت، غير مقدر بما حدث من فاجعة هزت قلوب شعب مصر كله!

والسؤال هنا أين مساعد سائق الجرار؟! وأين عامل البلوك؟! وأين عامل البرج؟! ولماذا خرج الجرار الكارثة من الورشة وهو غير مؤهل للتشغيل كما قال السائق.. وأين.. وأين!

كم من حوادث قطارات كثيرة وقعت بالسكة الحديد كلها كانت بسبب أخطاء بشرية.. وإهمال لم يكن له مثيل في أي بلد من العالم.. وللأسف لم نتعلم ونستفيد من الكوارث السابقة ونتحمس قليلًا وننسى بعد ذلك حتى نستيقظ على كارثة جديدة بنفس الأماكن ونفس الأسباب!

هيئة السكة الحديد تحتاج إلى إدارة قوية حاسمة لا تطبطب بل تعاقب المخطئ والمهمل وتضع الحلول لتجنب حدوث الكوارث.. من الذي يختار السائقين ومساعديهم والعمالة الفنية بالورش.. هل هناك تدريب حقيقي للعاملين بالسكة الحديد على إجراءات تشغل القطارات وإدارة الورش؟!

وهل هناك اختيارات دقيقة وكشف دوري على قائدي القطارات للتأكد من عدم تعاطيهم مخدرات.

أليس هناك لائحة معروفة ألا يخرج قطار من الورشة إلا إذا كان سليم مائة في المائة.. ألا يخرج قطار إلا وكان قائدة سليمًا معافى مائة في المائة ووجود أكثر من مساعد له!!

الدولة لم تبخل على السكة الحديد وقد اعلنت الحكومة أنه تم اعتماد 56 مليار جنيه لاعادة تجديد وتطوير مرفق السكة الحديد بكل جوانبه من قضبان ومحطات وكهربة الإشارات، وشراء احدث جرارات جديدة وعربات للركاب على افضل ما يكون، وإدخال وسائل الأمان في كل مراحل العمل بالسكة الحديد.. وقبل هذا وذاك تأهيل العاملين وتحسين أحوالهم الحياتية والصحية.

قد قال الرئيس السيسي إنه من منتصف 2020 ستكون هناك سكة حديد تانية جديدة وإلى أن يتحقق ذلك نرجو من وزير النقل الجديد التخلص من كل عامل مهمل أو منتمٍ لجماعة الإخوان وما أكثرهم، ليس في مرفق السكة الحديد فقط ولكن في مرافق أخرى كثيرة.. آن الأوان لبترهم.

وإذا كان وزير النقل قد استقال وقد كان ذلك ضروريا بعد أن زادت حوادث القطارات في عهده، فإنها ينبغي محاسبة كل من له صلة من قريب أو من بعيد بفاجعة محطة مصر.. ولا بد كما قلت إعلام الشعب بالحقائق كاملة عن هذه الكارثة التي أوجعت قلوبنا جميعًا.. فالإهمال أخطر من الإرهاب والمواجهة يجب أن تكون حاسمة وشديدة.
الجريدة الرسمية