رئيس التحرير
عصام كامل

وقود «الطحالب».. مصري 100%.. القومي للبحوث يبدأ التجربة «من فوق السطح».. ومنحة الاتحاد الأوروبي دافع التطبيق.. بديل للسولار والبنزين.. والمشرف على المشروع يكشف مميزاته

فيتو

في معمل صغير وجزء من أسطح أحد المباني بالمركز القومي بالبحوث، انطلق أول مشروع في مصر والشرق الأوسط لإنتاج الوقود الحيوي من الطحالب، بمنحة ممولة من الاتحاد الأوروبي وأكاديمية البحث العلمي في مصر عام 2014، بعد إدراك العلماء والباحثون أنه بحلول عام 2020 لن تستطيع السيارات التحرك بالسولار فقط، لكن لا بد وأن يشتمل محركها على 20% وقود حيوي، و80% وقود أحفوري، لتقليل الملوثات التي يسببها الوقود الأخيرة.


طاقة متجددة
السنوات القليلة الماضية شهدت اهتماما ملحوظًا بالوقود الحيوي كأحد مصادر الطاقة المتجددة، واعتبره البعض الحل السحري لإنقاذ العالم من النقص والعجز الذي يواجهه من مصادر الطاقة، خاصة تلك الدول التي لا تنتج البترول أو الغاز، أو حتى الدول المنتجة لمصادر الطاقة غير المتجددة، والتي سيأتى عليها يوم تنضب فيه، ما لم يتم العثور على بدائل أخرى «أكثر استدامة».

ومن هنا استعد العالم كله منذ زمن بعيد للحظة التي سيتم فيها استخدام الوقود الحيوي، بدلا من السولار والبنزين، غير إننا في مصر أدركنا ذلك متأخرا، وفي محاولة للحاق بالركب، كان المركز القومي للبحوث في مصر من الجهات التي تجري أبحاثا عن الوقود الحيوي باستمرار، وبالفعل أثبتت الكثير من الأبحاث التي قام بها علماء مصريون بالمركز، وأن هناك العديد من النباتات التي يمكن زراعتها والاستفادة منها في إنتاج الوقود الحيوي، وفي نفس الوقت تناسب ظروف زراعتها المناخ المصري، حيث إنها لا تحتاج لكثير من الماء أو للمساحات المخصصة لإنتاج المحاصيل الغذائية، وكان على رأس تلك النباتات «الطحالب»، وحتى يكون المشروع مصريا مائة في المائة لم يلجأ المركز القومي للبحوث إلى استيراد الطحالب من الخارج، لكن الأساتذة المشرفين على المشروع صمموا أن يتم زراعة الطحالب في مصر، وبالفعل تم عزل مجموعة من الطحالب من ملاحات الفيوم، لتبدأ بعد ذلك رحلة إنتاج الطاقة منها داخل المركز القومي للبحوث.

تفاصيل التجربة
الدكتور فاروق كامل الباز، أستاذ الكيمياء الحيوية بالمركز القومي للبحوث، الباحث والمشرف الرئيسي على المشروع، أوضح أن «تلك الطحالب بعد أن يتم تنظيفها وتنقيتها من الشوائب، يتم تنميتها أو تهيئتها للانقسام لإنتاج الوقود الحيوي، حيث تنقسم الخلية الواحدة من الطحالب كل ساعتين مرة مع توفير الإضاءة المناسبة والتقليب المستمر والتغذية الملائمة، وبالتالي فمليون خلية يصبح مليوني خلية خلال ساعتين فقط، وبعد تجميع عدد كبير من الخلايا يتم نقل الطحالب إلى معمل آخر في سطح أحد مباني المركز، حيث يحتوي على المعدات اللازمة لعملية الإنتاج، حتى تتحول الطحالب من الصورة السائلة إلى الصورة الصلبة التي يتم استخراج الوقود الحيوي منها».

وأضاف: الهدف الرئيسي من المشروع يتمثل في تقليل التكلفة العامة للوقود الحيوي، حيث إن اللتر الواحد منه طبقا للسعر العالمي يكلف دولارا واحدا، وفي مصر إذا استوردناه بتلك التكلفة سيباع للمواطن بسعر لا يستطيع تحمله، لذا فالمشروع يعمل على تخفيض تكلفة الوقود الحيوي حتى يسهل استخدامه بين المواطنين، والمفاجأة الأخرى التي تم اكتشافها أثناء إجراء الأبحاث على الطحالب أنه يمكن استخراج مادة دوائية منها تساعد في علاج أمراض تليف الكبد، الذي يعجز العالم كله عن إيجاد علاج له.

«إنتاج الوقود الحيوي من الطحالب هو الأنظف والأكثر جودة ونقاء»، حسب ما أشار إليه «الباز» بقوله: يوجد في مصر مصانع قطاع خاص تعمل على إنتاج الوقود الحيوي من زيت القلي المستخدم، لكنه ليس بنفس الجودة التي تتم من الطحالب نظرا لوجود شوائب طعام في الزيت المستعمل، لكن للأسف يتم تصدير هذا الوقود إلى الخارج، نظرا لأن وعي المصريين لم يكتمل بعد تجاه أهمية الوقود الحيوي، ولا يعرف أحد أنه طاقة المستقبل.

كما أكد أن المركز القومي وضع أساسات المشروع لكنه لا يعتبر حتى الآن وحدة إنتاجية يمكن استخدام الوقود الحيوي المنتج منها، بل لا يزال وحدة بحثية تقدم نموذجا أو تجرِبة عملية لمشروع قومي وطني يمكن تطبيقه من قبل رجال الأعمال، فالمشروع يضع للمستثمرين خارطة طريق للسير عليها لجذبهم إلى الاستثمار في ذلك المجال الذي يعتبر مجال المستقبل، لخدمة الاقتصاد المصري فيما بعد، لذا فأكبر عائق يواجه المشروع ويهدد نجاحه هو عدم إقبال المستثمرين عليه وعدم إدراكهم لأهميته المستقبلية.

"نقلا عن العدد الورقي...."
الجريدة الرسمية