المنسيون في أبوزعبل!
المئات من البشر ربما انقطعت أخبارهم عن ذويهم، بل وربما قد سقطوا من كل الحسابات، منهم من هو نزيل منذ 50 عاما أو أكثر، تأقلموا على العيش سويا، ربما تقلقهم الحياة خارج جدران أبو زعبل بل وربما بالفعل ألفوا العيش بعيدا عن زيف الابتسامات وبريق الكلمات.
هناك في أبوزعبل وعلى مساحة شاسعة من الأفدنة تقع "مستعمرة الجذام"، والجذام لمن لا يعرفه هو مرض يؤثر على الجلد والأعصاب والغشاء المخاطى للقناة التنفسية، بنى المستعمرة الملك فؤاد الأول منذ نحو 100 عام، على مساحة أكثر من 250 فدانا، محاطة بالأشجار المتشعبة والثمار الكثيفة.
بها نحو 580 مريضا من المفترض أنهم يقيمون إقامة كاملة في خمسة عشر عنبر، تضم 355 سريرا، وحجرات المرضى بنيت من الطوب اللبن على يد الإنجليز حال إنشائها، ولكن كغيرها من المؤسسات الخدمية لديها نقص في التمويل فيما يتعلق بالأدوية أو الملابس الخاصة بالنزلاء أو المؤن الغذائية.
حجرات المرضى مجرد عنابر بنيت منذ أكثر من مائة عام بالطوب الأبيض على يد الاستعمار الإنجليزي، وقت إنشاء المستعمرة، ناهيك عن نقص الأدوية التي نشرت المستشفى بيانًا بها خلال الأيام القليلة الماضية، ولا حياة لمن تنادي.
سررت عندما رأيت أصدقائى "أحمد حمزة" و"هلال سليم" وغيرهم من جروب "أهل الخير" يدعون لزيارة تلك المستعمرة للتبرع اليها، وقد قدموا بالفعل خلال الأيام القليلة الماضية الكثير من المؤن الغذائية والاحتياجات الدوائية والملابس والمنظفات وغيرها من الاحتياجات الضرورية بعيدًا عن أعين الإعلام.
الدعوة للخير والتبرع لا ترتبط بكثرة إعلانات المؤسسة أو الترويج لها إعلاميًا، بالعكس أرى أن التبرع للمهمشين في أطراف القرى أو المستشفيات النائية البعيدة عن الأعين والاهتمامات أوقع وأهم، لأن مثل تلك الحالات لا يسمع عنها الكثيرون.
هناك في تلك المستعمرة الكثير من حالات التزاوج بين النزلاء والنزيلات، هناك بالفعل من نسى أهله، واعتبر أن زملاءه أهله، هناك من تسمح حالته بالخروج ولكنه يرفض، فقد ألفوا العيشة والحياة رغم نقص سبل الحياة.
ما زالت المستعمرة في حاجة لتطوير وزيادة عدد الأطباء وتوفير سكن مناسب للعاملين، ويفضل أن تكون تبرعاتكم بأنفسهم ومباشرة للمستشفى وللنزلاء، حتى تروا بأنفسكم حجم المعاناة والعوز، وأخيرا أذكركم بأن الله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه.