الإنسان والألم!
أكثر وأفظع شيء يشعر به الإنسان هو الآلام. وهذه الآلام قد تكون بسبب المرض أو أحد أعراضه، وقد تكون ناتجة عن العلاج، مثلما يحدث لأي إنسان يجري جراحة بعد إفاقته من التخدير خلالها، وتراجع تأثير التخدير في جسده، فإن هذه الآلام تشمل كل الجسم ولا تستثني جزءا واحدا منه.
لذلك يكون الطلب الأهم للمريض بعد الإفاقة من التخدير الحصول على مسكّن قوي للآلام المبرحة، وأحسن شيء للمريض وقتها هو إحساسه بانحسار الآلام يوما بعد آخر، غير أن الوقت يمضي ببطء وتثاقل شديدين، والتحسن الصحي لا يحدث فورا، وإنما يحتاج دوما لبعض الوقت!
ولعل ذلك اخترع التعذيب للتنكيل بالناس وإجبارهم على تذوق جرعات من الألم، حتى لا يقاموا طويلا وتنهار عزيمتهم بسرعة ويفعلون ما يملى عليهم. وهذا أسوأ ما يرتكبه الإنسان في حق أخيه الإنسان، ومع ذلك فإن تاريخ البشرية حافل بقصص التعذيب الشديدة التي كان أبطالها بشر فقدوا إنسانيتهم وتخلوا عن بشريتهم في مواجهة الخصوم.
ولم تمنع التزامات حقوق الإنسان دوليا من استمرار التعذيب الذي يأخذ أشكالا عديدةً، بدءا من الضغط النفسى إلى استخدام العنف والقسوة الشديدة التي تلجأ إليها بعض أجهزة الأمن، وأيضًا كل التنظيمات الإرهابية التي اعتمدت التعذيب منهجا لتحقيق أهدافها، مثلما شاهدنا ما فعلته داعش في العراق وليبيا وسوريا.
وهكذا استغلال ضعف الإنسان وعدم قدرته على تحمل الآلام استثمر سياسيا وأمنيا وأيضًا إرهابيا من قبل أجهزة وتنظيمات. لكن في ذات الوقت هناك بشر كل همهم هو تخفيف الآلام الآخرين مثلما يفعل الأطباء ومن يعاونهم في التمريض، وأيضًا مثلما يفعل من يديرون شئون بلادهم ومجتمعاتهم بأمانة وكفاءة ورشد أيضا.