«Grammy» عززت التنوع وكرمت النساء
تداركت "ريكوردينغ أكاديمي" المانحة لجوائز "Grammy" الموسيقية المرموقة أخطاء الماضي، وغيرت نهج عملها استجابة لانتفاضة النساء وضغطهن طوال الأشهر الماضية، وبعد الانتقادات العنيفة التي وجهت العام الماضي إلى الأكاديمية القيّمة على الجوائز، والتي تضمّ 13 ألف متخصص، لأنها تبالغ في مكافأة الفنانين الذكور وأصحاب البشرة البيضاء على حساب النساء والملونين، عينت الأكاديمية على الفور فريقا لتعزيز التنوّع والاندماج، كما زادت عدد المرشحين في الفئات الرئيسية للجوائز من 5 إلى 8 ليتسنّى لها عكس التنوّع.
تجلت ملامح التغيير في حفل جوائز "جرامي" الموسيقية الأمريكية الأخيرة، وكان أبرزها طغيان النساء على مفردات الحفل وتعزيز التنوّع بشكل غير معتاد.
أول دلائل التغيير تمثلت في تولي المغنية والممثلة "أليشيا كيز" تقديم الحفل، وهي أمريكية ملونة من أب جاميكي وأم إيطالية أيرلندية.. وأكملت الأكاديمية انفتاحها بحضور مفاجئ للسيدة الأولى السابقة ميشيل أوباما، التي اعتلت المسرح لتشيد بدور الموسيقى في تعزيز التنوّع، واستقبلها الحضور بترحيب حين دعتها أليشيا إلى المسرح بصحبة ليدي جاجا وجادا بينكيت سميث وجنيفر لوبيز.
وقالت ميشيل أوباما "تظهر لنا الموسيقى أن التنوّع في غاية الأهمية، فكلّ قصة وكلّ صوت وكلّ لحن في الأغنية يحدث فرقا، ودائما ما ساعدتني الموسيقى على أن أروي حكايتي.. الموسيقى على تنوعها تساعدنا على مشاركة مشاعرنا وأفراحنا وأطراحنا... وتسمح لنا بأن نستمع لبعضنا ونتقارب من بعضنا البعض".
لمسة رائعة أثنى عليها الجميع حين أعلن الحفل عن تكريم أسطورتي الغناء "السمراواتين" ديانا روس والراحلة أريثا فرانكلين.. اعتلت روس المسرح مرتدية ثوبا أحمر براقا، وتمنت لنفسها عيد ميلاد سعيدا، حيث تحتفل قريبا بإتمام عامها الخامس والسبعين، ثم أمتعت الجمهور ببعض من أجمل أغنياتها.
أما تكريم "ملكة موسيقى السول" أريثا فرانكلين، التي هزت وفاتها عالم الموسيقى العام الماضي، فتولته المغنيات فانتاسيا وأندرا داي ويولاندا ادامز بأداء بعض من أشهر أعمالها.
استمر الطغيان النسائي غير المعتاد في Grammy، بتقديم فقرات غنائية واستعراضية، فردية وجماعية لكل من ليدي جاجا، كاردي بي، جنيفر لوبيز، كاميلا كابيلو، دوللي بارتون، مايلي سايرس، جانيل موناي وكاتي بيري، في مزيج مدهش جمع بين الموسيقى القديمة والحديثة.
دلائل التغيير الطاغية على الحفل أدت إلى خلوه إلى حد بعيد من الإشارات السياسية مقارنة بحفلات الجوائز الأمريكية خلال العامين الماضيين. ولعل من أبرز مؤشرات التغيير منح جائزة "أغنية العام"، للمغني تشايلدش غامبينو عن أغنية (هذه هي أمريكا)، التي ينتقد فيها العنصرية ووحشية الشرطة والنزعة الإفراطية المهيمنة بشتّى أنواعها على المجتمع الأمريكي. كما نال تشايلدش أيضا جائزة "تسجيل العام"، التي تكرّم الفنان مع الفريق التقني برمّته الذي تعاون معه، وهي المرّة الأولى في تاريخ جوائز الموسيقى المرموقة التي تمنح فيها هاتان الجائزتان الكبيرتان لأغنية راب.
لم يحضر تشايلدش واسمه الحقيقي دونالد غلوفر لاستلام الجائزة، وكذلك كندريك لامار أحد أبرز المرشحين للجوائز، في خطوة اعتبرت ردا من مغني "الراب والهيب هوب" على إحباطات سابقة عندما فازت موسيقى "البوب أو الآر أند بي" على أغاني الراب اللاذعة بكبرى الجوائز في عالم الموسيقى، دون الراب رغم أنها الأكثر انتشارا في أمريكا.
وقال كاتب الأغاني لادويج جورانسون لدى تسلمه الجائزة نيابة عن غلوفر "هذه رؤيته ويستحق هذا التكريم.. الأغنية تعبر عن معاناة الناس وتندد بالظلم وتحتفي بالحياة وتوحد صفوفنا جميعا".
واستمر انتصار أغنيات الراب بفوز مغنية الراب السمراء كاردي بي بأول جائزة Grammy لها، حيث نال ألبومها "غزو الخصوصية" جائزة ألبوم الراب هذا العام. كما فاز المغني الكندي الأسمر دريك بجائزة أفضل أغنية راب عن أغنية "تدابير الهية". ونصح دريك الفنانين ألا يقلقوا بشأن الفوز بالجوائز، لأن "الفوز هو أن يكون هناك من يردد أغانيك كلمة بكلمة.. وإذا كان هناك من يخرجون في المطر والثلوج وينفقون أموالهم لشراء تذاكر وحضور حفلاتك فأنت لا تحتاج لهذه الجائزة".
في حين كانت الجائزة الكبرى "ألبوم العام" من نصيب مغنية موسيقى الريف كيسي ماسغريفز، عن ألبومها "غولدن أور" أو "الساعة الذهبية". وقالت كيسي التي فازت أيضا بثلاث جوائز أخرى "بدون الأغاني لا أملك شيئا".
وبينما نالت مغنية البوب البريطانية دوا ليبا جائزة أفضل فنان صاعد، لم تحصد نجمة البوب ليدي جاجا أيا من الجوائز الكبرى التي كانت تصبو إليها، لكنّها حازت ثلاث مكافآت، اثنتان منها عن أغنية "شالوو" من فيلم "إيه ستار إز بورن" المرشحة عنه أيضا لجائزة "أوسكار".
نجحت جوائز الموسيقى الأبرز عالميا في إحداث التغيير وتجنب الاحتجاجات، وتبقى الأنظار معلقة على حفل "الأوسكار" لقياس مدى مواكبته للرأي العام.