رئيس التحرير
عصام كامل

الدقهلية تحتفل بالعيد القومي تحت شعار «800 سنة منصورة»

فيتو

تحتفل محافظة الدقهلية هذا العام بعيدها القومي تحت شعار "800 سنة منصورة"، وذلك لتزامن الاحتفال هذا العام مع مرور 800 سنة على إنشاء مدينة المنصورة في أعقاب معركة حطين 1187 ميلادي، وانتصار صلاح الدين الأيوبي على الصليبيين.


وأوضح عميد كلية الآداب بالمنصورة، الدكتور رضا سيد أحمد، أستاذ التاريخ والآثار، مسئول مهرجان "800 سنة منصورة"، أن المنصورة أُنشئت لمواجهة الحملة الخامسة للفرنجة بعد سقوط دمياط في يد (حنا دي بريم)، حيث رحل السلطان الكامل من معسكره في العدلية في أوائل فبراير 1218 إلى بلده أشمون الرمان، ليختار منطقة مثلثية الشكل قبالة طلخا وجوجر ويحيط بها بحر أشموم وفرع دمياط، لتكون معسكرا جديدا لمواجهة الغزاة، وسمى هذا الموقع بالمنصورة.

وقال عميد آداب المنصورة إن الغزاة فشلوا في عبور بحر أشموم بفضل حسن استعدادات‏ الملك الكامل فتراجعوا إلى دمياط، وأُعلن استسلامهم في 28 أغسطس، وغادروا دمياط في 7 سبتمبر 1221، وبذلك ولدت المنصورة في أحضان المقاومة المصرية.

وأشار إلى أن الحملة الفرنسية جاءت على مصر، وبدأت عملية تأسيس المدينة في 7 نوفمبر 1219. وساعد على نموها بقاء الملك الكامل بها عامين لما شجع الأمراء والأعيان على الاستقرار بها.

وتابع سيد أحمد: "عادت المنصورة بعد 30 عاما لتكون الصخرة التي تحطمت عليها حملة الفريق السابع بقيادة لويس التاسع، وبدأت ملحمة البطولة بعد احتلال الحملة لدمياط في 5 يونيو 1249 ميلاديا، فاتخذ الملك الصالح ‏المنصورة خط دفاع جديد لمنع الحملة من الزحف نحو القاهرة، وتقدم الفرنجة ناحية المنصورة مرورا بفارسكور ثم البرامون، وعسكر الغزاة قبل جديلة، وكان يفصل بين المعسكرين بحر أشموم".

وقال: "دارت معركة جديلة الأولى التي حقق فيها الغزاة نصرا محدودا، مما أغراهم بافتتاح المنصورة والتي وضع بيبرس خطة الدفاع عنها بتوزيع جنود عند تقاطع الشوارع وأمرهم بالاختفاء فيها، والتزم الأهالي في مساكنهم، ‏وأمرهم بعدم بعدم الخروج إلا بعد إصدار الأوامر".

وكشف "سيد أحمد" عن أن الغزاة اقتحموا المنصورة من الناحية الشرقية، فوجدوها خالية فظنوا أنه أخليت فاتجهوا الناحية الغربية، وعندما اقتربوا من قصر السلطان خرج عليهم الجنود والأهالي فظهرت معركة المنصورة في 8 فبراير، وتعرض الغزاة للهزيمة، وعندما حاولوا الهرب تعقبهم المصريون مما أدى إلى غرق مجموعة منهم في المنطقة، والتي سميت بعد ذلك ميت الغرقا "ميت الكرماء".

وأشار "سيد أحمد" إلى أنه في يوم الجمعة 11 فبراير 1250 دارت معركة جديلة الثانية، والتي تعرض فيها الملك للهزيمة فقرر الملك التراجع إلى دمياط، وعند قرية ميت الخولى عبد الله نجح الطواشي جمال الدين في تعقب أثر الملك، وتم التحفظ عليه في دار القاضي فخر الدين بن لقمان.

وتزخر محافظة الدقهلية بالعديد من الآثار والمعالم التاريخية والأماكن السياحية والأثرية التي لها تاريخ حافل بالذكريات التاريخية من حياة وتاريخ مصر الأثرية والحربية والتي تشهد على حضارة وقوة وعظمة المصريين، فهناك دار ابن لقمان التي لا تزال شاهدة على أكبر المعارك التاريخية التي وقعت، وهي متحف يحوي الكثير من اللوحات والمعلومات في منظومة تاريخية تجسد خط سير الحملة الصليبية على مصر ودمياط، كما توضح الصور بها دور الشعب المصري في تحطيم الصليبيين.

ويتوسط دار بن لقمان شارع بورسعيد بمدينة المنصورة في الجهة المقابلة لشارع الثورة (السكة الجديدة)، أقيمت الدار على شاطئ النيل حينئذ ولكن بمرور الزمن ابتعد النيل عنها مسافة نحو 500 متر، وهي دار بنيت على الطراز العربي القديم المكون من السلاملك وهو سكن الرجال والحرملك وهو سكن النساء، وتتكون الدار من طابقين على الطراز الإسلامي.

ويرجع تاريخ بناء هذه الدار إلى ما يقارب 1100 عام، حيث أقيمت مع بدايات إنشاء الكامل محمد بن العادل لمدينة المنصورة عام 975م تقريبا، حيث كانت المدينة عبارة عن جزيرة صغيرة يطلق عليها جزيرة الورد، حيث بدأ العمران بها وأصبحت مُلتقى للتجارة بين الأقاليم.

وقال الدكتور إيهاب الشربيني، مدير عام المشروعات بجامعة المنصورة، أحد المهتمين بالتراث بمدينة المنصورة إن أمام كوبري طلخا لم تكن هناك أرض فمكان مديرية الأمن ومدخل شارع بورسعيد ومدخل السكة الجديدة كان يمر فرع النيل وكان واصل لحد دار بن لقمان، بمعنى أن دار بن لقمان كانت على النيل مباشرة.

وأوضح الشربيني أنه بعد 30 سنة فقط من بناء المنصورة والتي كان يعيش بها بعض الجنود المماليك وبعض الفلاحين من القرى المجاورة وبعض الذين فروا من دمياط وكونوا مجتمعا كبيرا، حدثت واحدة من أعظم المعارك في تاريخ مصر كلها وهي تقريبا الحرب الوحيدة اللي نزل فيها المواطنون العاديون رجالا ونساء يحاربون الفرنسيين حتى هزموهم هزيمة كارثية لفرنسا، مشيرا إلى أهمية تخليد هذه المعركة في فيلم سينمائي.
الجريدة الرسمية