رئيس التحرير
عصام كامل

«ارتدى ما شئت».. ولا تسفه الآخرين!


لا أدرى لماذا نخلق قضايا أرى أنها مقحمة في حياتنا ننشغل بها ويشتعل المناخ العام وكأنه ناقص اشتعال، أو كأننا نمارس الرفاهية ولا نجد شيئا نفعله سوى اختلاق أشياء ربما من يتصدى لها ليس مؤهلا، وإنما يمارس شعار "خالف تعرف"، أو كما سبقت أن كتبت "إذا أردت الشهرة عليك أن تشكك في تاريخك أو اطعن في الدين"، ستطاردك الأضواء أينما ذهبت وربما يأتيك الخير الوفير من أعداء الوطن..


من يتابع كلماتى في هذا المكان يعرف أننى تعرضت للكثير من الانتقاد من مدعى التدين، ومنغلقى العقول وجماعة الإخوان الإرهابية، فقد كتبت مرات كثيرة، النقاب ليس من الإسلام في شى،ء وأثبت ذلك من آراء معظم العلماء، ومع هذا قلت كل إنسان حر فيما يرتدى أو يعتقد، مثلما أعطى الحرية لمن ترتدى ملابس لا تخفى شيئا من جسدها فمن حق الأخرى ارتداء الحجاب والنقاب، شريطة ألا يزايد علينا أحد في شىء، فلا العارية تتفاخر أنها الحرية ولا المنتقبة تتاجر باسم الدين!

في الفترة الأخيرة حدث أن أكثر من فنانة محجبة منذ سنوات كثيرة فجأة خلعته، اذكر هنا عندما تفشت ظاهرة الحجاب بين عدد من الفنانات وسط ضجة رهيبة، وصدرت كتب عنهن طبع منها طبعات كثيرة، هلل الشيوخ السذج أو المستفيدين من هذا الأمر، وخرج منهن على شاشات التليفزيون داعيات..إلخ مثل عبير صبرى وأحمد الفيشاوى! لا تعليق!

كنت أردد ومازلت حجاب فنانة أو أي إنسانة أو دخول أحد الإسلام أو الخروج منه أمر غير مهم على الإطلاق.. إنه عمل فردى صحته من خطئه على الشخص نفسه، وهو حر تماما شريطة عدم المتاجرة به سواء مع أو ضد، الفنانات اللاتى خلعن الحجاب هن أحرار، ولكن المتاجرة مرفوضة تماما، عندما أعلنت أي منهن حجابها لم تأخذ رأينا ولا يهمنا في الأصل، وعندما تعرت لم تأخذ رأينا أيضا، إنهن حرات!

ظهر كتاب يمجد كل من خلع الحجاب، بل هناك من رفع شعار "المجد لخالعات الحجاب"، بل إن الكتاب ودار النشر يؤكدان أن الحجاب يحجب العقل ويساهم في التخلف الفكرى للمرأة!.. ويؤكد الكتاب ويدعو المرأة لدخول عصر التنوير عن طريق خلع الحجاب، باعتباره عائقا وحجر عثرة أمام حرية الفكر والإبداع، لأن الحجاب تخلف ورجعية!

الكتاب يوضح فوائد خلع الحجاب، منها من حق المرأة أن تظهر أي جزء من جسدها، ويوضح الكتاب تأييد المؤلفة للفنانة التي ظهرت شبه عارية في مهرجان السينما!، أي تناقض هذا يا ربى!؟، إذا تحجبت أصبحت متخلفة ورجعية، وإذا تعرت فإنها تحررت ودخلت عصر التنوير والفكر والإبداع؟!..

أهى حرية للعرى وتخلف لمن تخفى شعرها؟!.. المثير للعجب لمزيد من التضليل وتبرير صحة رؤية المؤلفة الاستعانة ببعض الآيات القرآنية بنظرية "لا تقربوا الصلاة" وأحاديث بدعوى هذا ضعيف والآخر لا سند له، والأعجب لو أن شخصا عاديا تحدث في مجال السينما مثلا أو الشعر..إلخ يقولون: إيه فهمه في الحاجات دى.. فيه ناس متخصصة يجب الرجوع لها ! إلا الدين أصبح كل من هب ودب يتحدث وكأنه العالم العلامة!.

السؤال: لماذا نمارس دائما الإقصاء لأى رأى آخر؟!، إذا كنتي قد أعطيت لنفسك حرية التعرى وإظهار أي جزء من جسدك فلماذا تتهمينى بالتخلف والرجعية إذا أخفيت شعرى فقط؟!.

أعجبنى تعليق للأديبة "منى ماهر" على الجزء الخاص بحرية العرى كتبت: العرى والملابس الكاشفة إهانة لجسد المرأة، إن احترام جسد المرأة هو الفريضة!، مع العلم أنها ليست محجبة ولكنها ترتدى ما يليق بالمرأة الراقية التي تحترم نفسها!

أخيرا طالما ترفع شعار الحرية فعلينا جميعا احترام حرية الآخرين، الحرية تعطينى الحق في أن ارتدى ما شئت ولكنها لا تعطيني حق تسفيه الآخرين إذا لم يتفقوا معى، لا يوجد حق أو صح مطلق، وبالتالى رحمة بوطننا والمناخ الملتهب.. هناك قضايا أهم فلنتق الله، ونهتم بما هو قادم، هناك تعديلات الدستور، وهناك موجة جديدة من رفع الأسعار في كل شىء، الكهرباء والماء والمحروقات، وتذاكر المترو، وبعدين أمامنا الأهم من هذا كله مباراة الأهلي وبيراميدز تحسب في الدوري ولا الكأس؟ حاجة تقرف!

وتحيا دائما مصر بنقاء قلوب أبنائها الطيبين، ملح الأرض الذين لا يحلمون إلا بقوت اليوم.. والستر.. تحيا مصر!
الجريدة الرسمية