«التنوع الثقافي» الطريق نحو دعم أفكار الأقليات وسحب البساط من العاصمة
استضافت قاعة ثروت عكاشة بمعرض القاهرة الدولى للكتاب، اليوم الثلاثاء، ندوة بعنوان "سياسات التنوع الثقافى والاندماج الاجتماعى"، شارك فيها كل من الدكتور عبد الوهاب عزت رئيس جامعة عين شمس، والدكتور أنور مغيث رئيس المركز القومى للترجمة، وأبو الفتوح البرعصى الفنان التشكيلى والباحث في التراث الشعبى والبادية المصرية، وأدارها الدكتور أحمد زايد أستاذ علم الاجتماع.
وأكد أحمد زايد أستاذ علم الاجتماع أن أي مجتمع من المجتمعات لابد أن يؤمن بمبدأ التعددية فالمجتمع لا يمكن أن ينهض به فرد ولكن يجب أن تتكاتف الجهود والتعاون بين المختلفين من أجل تحقيق هدف واحد وهذا هو ما يساعد في إحداث ما يسمى التماسك الاجتماعى وينصهر الجميع في بوتقة الوطن، والمجتمع المصرى يعتبر من أكثر المجتمعات التي ضربت مثلا رائعا في استيعاب التعددية.
وأضاف أن تميز المجتمع المصرى بتقبل فكرة التعددية وتقبل الآخر هو ما ساعد في تكوين حضارات مصرية على مر التاريخ بداية من الحضارة الفرعونية وما تلاها من حضارات، حتى أنها تمكنت من تقبل الحضارات المختلفة التي مرت عليها واستوعبتها وقدمت من خلالها نموذجا مختلفا من الحضارة حتى أن المجتمع المصرى تمكن من تقبل الاحتلال.
من جانبه، قال الدكتور عبد الوهاب عزت رئيس جامعة عين شمس، أن فكرة إنشاء الجامعات كانت في البداية للتعليم فقط، وبعدها ظهر مستوى ثان كهدف للجامعات وهو البحث العلمى، حتى ظهر المستوى الثالث من الجامعات وهى الجامعات التي تهدف لخدمة المجتمع، وهو ما ساعد أن تكون الجامعة منصهرة داخل المجتمع وليست فقط منصبة في أهدافها على التعليم والبحث العلمى.
وأضاف أن الجامعة الآن أصبح لديها حراك مجتمعى بشكل أكبر من المنطقة الجغرافية المحيطة بنا، خاصة أن بدأ الآن يحدث إرسال الجامعات قوافل تنموية في المحافظات والقرى والنجوع بل وأيضا لدول العالم الخارجى لإحداث حالة تنمية حقيقية في هذه المجتمعات.
وأشار إلى أنه على مستوى التبادل الثقافى وقبول الآخر ومعرفة ما يدور حولنا هو أصبح الشغل الشاغل للجامعة في الوقت الحالى خاصة في ظل سهولة الحصول على العلم والتعليم، وهنا يتجلى دور الجامعة في العصر الحديث في التبادل الثقافى وتصحيح المفاهيم المغلوطة والتواصل مع العالم الخارجى، وأن تصبح الجامعات سفيرة للدولة في العالم الخارجى.
فيما قال أنور مغيث رئيس المركز القومى للترجمة إن التنوع الثقافى في أي مجتمع هو أمر ظاهر يلمسه كل فرد في المجتمع، وهذا التنوع الثقافى كان في الماضى في وقت تأسيس الدولة القومية يتم تهميشه لكى تنمو وتزدهر فكرة آحادية الثقافة أو ثقافة العاصمة، في ظل انتشار أحاديث في هذا التوقيت أن التنوع الثقافى يفرق بين الناس ويفرق بين أفراد المجتمع وهذه التوجهات بدأت في الظهور في نهاية القرن الثامن عشر.
وأضاف أن لحظة التحول في تاريخ البشرية فيما يخص التنوع الثقافى، باعتبارة أمرا ذا فائدة بالنسبة للدولة والمجتمع ظهرت بالتزامن مع ظهور اتفاقية حماية التنوع الثقافى باليونسكو، والتي تهدف لحماية ثقافة الأقليات في المجتمع ودعمهم وإدماجهم في المجتمع، خاصة أن حماية التنوع الثقافى والاعتراف به يساعد إلى حد كبير في إدماج الأقليات في بوتقة المجتمع ويساعد أيضا في زيادة الانتماء للأمة الواحدة.
وأشار إلى أن المرحلة الحالية التي نعيشها هي مرحلة تاريخية نظرا لأنها تلغى فكرة أن التنوع الثقافى يهدد وحدة الأمة والتي كانت يتم الترويج لها في الماضى، وهذا سيساعد في رعاية ثقافات الأقليات ودعمهم وحمايتهم للحفاظ على هذا التنوع الثقافى خاصة أن التنوع الثقافى يعتبر ميزة تحافظ على الأمة وتمنحها ديناميكية وتطور تمكنها من الانفتاح بشكل أكبر على العالم الخارجى بعكس الأمم التي لا يوجد لديها تنوع ثقافى التي يدفعها هذا إلى الانغلاق، فالتنوع الثقافى في مصر هو كنز يجب المحافظة عليه.
من جانبه، أكد أبو الفتوح البرعصى الفنان التشكيلى والباحث في التراث الشعبى والبادية المصرية أن مصر حباها الله بطبيعة خاصة حيث يوجد بها كل المجتمعات، وكل مجتمع يوجد به ثقافة خاصة، فإذا توجهنا للأماكن الحدودية نجد أن شمال سيناء وجنوب سيناء والبحر الأحمر نجد أن لهم ثقافة ولهجة تميزهم عن غيرهم في المجتمع المصرى، وكذلك لهم فنونهم التي تميزهم عن غيرهم، وفى المناطق الحدودية الغربية نجد أن سيوة والواحات لهم طبيعة وثقافة ولهجة بدوية خاصة بهم، وفى حلايب وشلاتين نجد نفس الأجواء من الثقافة الخاصة ولكن هذه الثقافات تحتاج إلى حالة من الدمج في الثقافة المصرية عبر جهود دؤوبة من الدولة المصرية.
وأضاف أن طبيعة الأماكن في البادية أماكن خلابة تشجع على الإبداع، وتضم عددا من الفنون التراثية والتشكيلية والأدبية التي تشكل قيمة للفلكلور المصرى، ونحتاج إلى أن تصل مؤسسات الدولة الثقافية إلى هذه الأماكن الحدودية وأن تأتى مؤسسات الدولة الثقافية إليها باعتبار أن هذه المجتمعات تحتاج إلى تنمية ثقافية وعلمية وأدبية حقيقية، كما أن أبناء الأماكن الحدودية يحتاجون إلى أن يأتوا إلى القاهرة لتقديم فنونهم للجمهور ليتعرف على هذه الثقافات المتميزة والتي ربما لا يعرف الكثيرون عنها شيئا.
وأوضح أن وزارة الثقافة المصرية تقوم بجهود حثيثة من أجل دعم هذه المناطق البدوية ثقافية والتي كان آخرها إعلان مطروح كعاصمة للثقافة المصرية ولكن بطبيعة الحال نحتاج إلى مزيد من الجهود خاصة في مجال توثيق الفنون التشكيلية الخاصة بهذه المناطق والأزياء والحرف التراثية للحفاظ عليها من الاندثار من خلال المعارض الطوافة التي تطوف أنحاء الجمهورية وأيضا خارج مصر لتعريف العالم بهذا المنتج الثقافى، كما تحتاج هذه المناطق إلى توثيق شعر البادية من خلال المؤتمرات بشكل أكبر مما تقوم به الهيئة العامة لقصور الثقافة وتقديم دعم أكبر لشعراء البادية.