رئيس التحرير
عصام كامل

المحصلة النهائية.. كانت هدمًا لكل شيء!


وتبقى المحصلة النهائية لأحداث يناير، تراجعا في كل شيء الأمن والاقتصاد والأخلاق والحياة الاجتماعية.. لقد تهاوت القيم وانهارت المثل تحت سنابك "الثورية" المصطنعة، وانطلقت التيارات المسيسة التي ركب أنصارها غضبة الشباب النقي الذي خرج رافضًا التوريث، الذي جرى تمهيد المسرح له، حتى بات آفة أصابت جوانب كثيرة في حياتنا وأزهقت روح الأمل في المجتمع قبل يناير.

لقد تعرض مجتمعنا لمحنة في أخلاقه التي يحاول الرئيس السيسي استعادة وجهها النقي وجوهرها الأصيل، بعد تعرضها لتجريف أدى لانعدام الثقة والنهش في الرموز، وافتعال معارك وهمية حول الهوية التي تناسى مشعلوها أن مصر هي أقدم الدول التي عرفت الحضارة والمدنية، بل هي التي علمت الدنيا كيف يكون التفوق الحضاري، حتى على الغزاة أنفسهم، وكيف تكونت الشخصية العبقرية لمصر مزيجًا حضاريًا انصهرت في بوتقتها كل الحضارات لتصبح كعادتها صانعة التاريخ.

لقد بدا أن الهدف من أحداث يناير هو هدم مؤسسات الدولة من جيش وشرطة وقضاء وإعلام وتفريغها من مقومات القوة والتماسك ليسهل التهامها وإحلال نظام جديد على أنقاضها على غرار نظام الملالي والحرس الثوري في إيران، التي كان نظامها السياسي والدفاعي حلما يراود قادة الجماعة الإرهابية الذين لا يعدو الوطن في نظرهم أن يكون حفنة تراب عفنة لا هوية لها ولا حدود. 

فتنظيمهم المسلح الذي أرادوه بديلًا للجيش الوطني هو وطنهم الممتد بلا حدود جغرافية؛ ومن ثم فقد جاء استنقاذ الدولة من براثن التنظيمات الإرهابية أولوية قصوى خرجت الجماهير بالملايين لرفضها في ثورة 30 يونيو الشعبية.

وحتى لا تنهار مقومات تلك الدولة في ظل ما يحيط بها من ظروف إقليمية ودولية مضطربة، فقد كان الإصلاح التدريجي ضرورة لا غنى عنها حتى لا تنهار ركائز الاستقرار، وهو ما جنب مصر مصيرًا تعسًا آلت إليه دول ما يسمى بـ"الربيع العربي" التي لم تقم لها قائمة.

لقد تراجعت قوى مصر الناعمة بعد أحداث يناير 2011؛ حيث تسابقت النخبة /النكبة لنفاق الثوار أو من ادعوا أنهم "ثوار" كشفت التسريبات عن حقيقتهم المريبة التي كانت خلوًا من أي رؤية واضحة للبناء، اللهم إلا الحصول على مكاسب شخصية أو فئوية ليس من بينها مصالح الوطن ولا المواطنين الذين تاجر نشطاء السبوبة بأحلامهم وأشواقهم للتغيير.

تغيير الأوطان إلى الأفضل يكون بالبناء والتعمير والعلم السديد والمشاركة السياسية والحوار السلمي من أجل مزيد من الحرية والديمقراطية والعيش الكريم.. وليس أبدًا بالفوضى والبلطجة والهدم والحرق لمؤسسات الدولة والتآمر مع الخارج.

الجريدة الرسمية