رئيس التحرير
عصام كامل

بلا رؤية!


أحداث يناير وما تبعها من سقوط نظام مبارك الذي خلَّف فراغًا كبيرًا وقتها.. كشفت تلك الأحداث كيف أن الداعين لهذا التغيير لم يكونوا فقط بلا رؤية واضحة للإجابة عن سؤال اللحظة: ماذا بعد تنحي الرئيس الأسبق مبارك وأركان نظامه.. بل أظهروا عجزًا وفشلًا وآفات لم يبرأ منها كثير من نخبتنا التي سبقتها الجماهير بوعيها الفطري إلى الانحياز للوطن والحفاظ على مقدراته واستقراره في ساعة العسرة، غير عابئة بالخطر الذي تهددها في الشوارع، حين خرجت منتفضة ضد جماعة الإخوان، رافضة استمرارها في حكم مصر.


ورغم خلو الساحة السياسية من أنصار التيار الديني بعد زوال الإخوان من المشهد السياسي، فإننا للأسف لم نجد لأحزابنا التي جاوز عددها المائة مشروعًا مجتمعيًا يعيدها إلى الشارع أو يعيد الشارع إليها، فلا هي قدمت رؤية اقتصادية صالحة للخروج من أزماتنا الخانقة، ولا هي قدمت مشروعًا سياسيًا قابلًا للحياة، بل لم تُضبط متلبسة في الاحتكاك بالناس والانخراط في همومهم وقضاياهم وأولوياتهم اليومية، بل نراها تخوض معارك غير معارك الدولة، وغير التي خلقت من أجلها الأحزاب في كل الدنيا.

ومن أسف أن حكومات ما بعد يناير وحتى صدور دستور 2014 تقاعست دون استثناء عن تطبيق القانون على الجميع، حين تباطأت عن علاج مشكلات المواطنين، وغضت الطرف عن عدم إنفاذ القانون بحسم على المخالفين، فانتشرت العشوائيات والمخالفات والتعديات على أراضي الدولة وهيبتها، وكرست لانفلات طال كل شيء.

بدءًا من حرق أقسام الشرطة، وتعطيل تعيين محافظ لاعتبارات طائفية، وقطع طرق المواصلات العامة، وإحداث شلل في المرافق، واقتحام السجون وتهريب السجناء والمجرمين، واستباحة حدودنا بصورة منظمة، وهو ما وثّقته حيثيات الحكم على قيادات الإخوان، ذلك الاستهداف الذي استلهم أفكار حروب الجيلين الرابع والخامس التي تبغي هدم الدول وتفجيرها من الداخل على أيدي أبنائها.
الجريدة الرسمية