الخيبة القوية
عجزت القوى السياسية التى تتصدى لحكم العشيرة عن تقديم البدائل مثلما عجز مرسي وسائر التابعين عن تحقيق شيء سوى فقدان ما تبقى من مصداقيتهم المزعومة التي خدعوا بها قوما يعانون الأمية السياسية والأمية الدينية فضلا عن الأمية الأبجدية.
وعجز الثوار عن التحول إلى مرحلة البناء وتورطوا في مزيد من الهدم ومهدوا الأرض بذلك أمام محترفي الخداع واغتصاب السلطة.
وتأكد لدينا أن القوى المحسوبة على المعارضة تعانى الإفلاس السياسي ومعه الفقر الجماهيري، بالاضافة إلى الانشقاقات والتصدعات الحزبية وسيطرة الجمود الفكري والتنظيمي الذي يصنع الإخفاق السياسي.
ومع الإخفاق السياسي استشرت الشخصنة وظهرت الصراعات الأيديولوجية التي كانت مستترة وراء تحالفات هشة تبشر باستمرار الخيبة التي عانينا نتائجها في الماضى والحاضر، والتي يبدو أنها ستستمر مع فقدان المعارضة لمسئولياتها الوطنية، وسعي البعض إلى الاستقواء بالخارج وإقحام أطراف وطنية غير سياسية، كالقوات المسلحة، في اللعبة السياسية.
وتستمر الخيبة القوية مع استمرار الإضرابات وتعطل الإنتاج وتراجع الخدمات وتآكل الاحتياطي النقدي وتوقف السياحة، وشراهة القوى الإخوانية للمكاسب الشخصية والإتجار بالأرض المصرية والنيل من قدسية التراب المصري في سيناء وفي جنوب الوادي وفي قناة السويس وما حولها، وعقد الصفقات السرية مع شخصيات خليجية تريد استثمار الخيبة المصرية لحسابها وحساب قاداتها.
كل ذلك يجري في ظل ثورة فشلت في العمل تحت قيادة واعية وناضجة، ونجحت فقط في الهدم دون إعادة البناء ولا تزال تدعم حالة الفوضى العارمة والأمن المفقود، كما تدعم أيضا التواجد الإخواني ومثلث الخيبة القوية التي أشرنا اليها مع الإبقاء على استغلال العشيرة لمن تبقى من ضحايا الأمية السياسية والأمية الدينية، بالإضافة إلى الأمية الأبجدية، والتي قلنا إن العشيرة التعسة تحسن خداعها واستغلال أميتها بشعارات دينية تبطن غير ما تعلن.
ولم يعد من الصعب أن نرصد تزايد الحنين إلى العهد السابق بل وهناك من يحن أيضا إلى العهد الملكى ويقارن بين إنجازات أسرة محمد علي وبين ما نحن فيه الآن، والتنكر لثورة الخامس والعشرين من يناير، ولكل الثورات، واسترجاع القول المأثور للفيلسوف الكبير سفوكليس الذى قال إن الحكمة أفضل كثيرا من أي ثورة.
وسنبقى نعاني الخيبة القوية للثوار وللإخوان وللتحالفات الهشة للمعارضين، إلى أن يمضي فينا قضاء الله، وليشملنا بلطفه.
ونسأل الله العافية لنا ولمصر وشعبها..