رئيس التحرير
عصام كامل

أخلاق الرئيس وتجاوزات الإعلام


لم أقترب من الرئيس إلا مع جمع من الناس، لكني اقتربت من كثيرين جالسوه وزاملوه وصادقوه في مراحل حياته المختلفة، لم يقل أحد إنه سمع منه لفظًا خارجًا، ولا تجاوز يومًا في حق الغير، ولا كانت له هفوات ولا شطحات، يتحلى بأخلاق لم يغيرها طارئ، ويلتزم أدبًا يلام عليه أحيانًا.


وأزعم _ وأنا المهتم بالتفاصيل _ أنني لم أضبط الرئيس متجاوزًا ولو بكلمة في خطاباته أو لقاءاته المباشرة، حتى في ارتجالاته لم تخرج منه كلمة تسيء لمن أساءوا إليه، لم تأخذه الحماسة للتطاول على مواطن مارق، أو رئيس متربص، أو متآمر يتحين الفرصة للنيل من مصر، وطالما قرأنا تحريضًا له من زملاء لنا على شاكلة (اغضب يا سيسي، اضرب يا سيسي) وهو تحريض تزامن مع أزمات سببها البعض في الداخل والخارج، لكن الرجل لم يحد عن هدوئه، ولم يتخل عن أخلاقه، وركز في مستقبل يسعى لبنائه.

في أكثر من خطاب ولقاء جماهيري.. توقف الرئيس أمام الإعلام، منتقدًا أسلوب بعض الإعلاميين، رافضًا تجاوزهم حتى في حق من أساءوا لشخصه، ومطالبًا بالتحلي بالأخلاق التي تليق بمصر ومكانتها، بل إنه أدهشنا عندما اعتذر عن تجاوز بعض الإعلاميين وخوضهم في أعراض أسرة تحكم دويلة، رغم تحريض نوافذها الإعلامية المستمر على مصر.

ألا يستحق هذا الرئيس إعلامًا يتناسب مع أخلاقه؟! ألا يستحق إعلامًا لا يخوض في الأعراض ولا يتربص بأسر ليفككها ولا يتطاول على رموز لينهش لحمها؟! لماذا يعتقد البعض أن الرئيس يسعده تشويه الآخرين والتجاوز في حقهم؟! يستطيع الإعلامي أن يصل إلى مبتغاه في دحض أفكار الآخرين وتعريتهم سياسيًا دون تعرية لحياتهم الخاصة، وبإمكانه أن يقول كل شيء بلفتة أو نظرة أو إيماءة، فقط.. بعض من التركيز والمذاكرة، والحجة تغلبها حجة أقوى، وكل شيء مردود عليه، لكن الصوت العالي والسباب والتهديد لا يمكن أن يصنع إعلامًا يليق بالرئيس، بل يتنافى مع أخلاقه وقواعد يسعى دائمًا أن تكون ركيزة للإعلام.

التحدي الحقيقي لأي إعلامي يمتلك أدواته ويحترم رئيس هو مؤمن به وبما حققه من إنجازات أن يواجه المحسوبين على المعارضة ويناظرهم، وأتحدى لو وجد لديهم أجندة حقيقية لأي إصلاح، دعونا نصدق مع أنفسنا.. لا توجد لدينا معارضة حقيقية بناءة لا في الأحزاب ولا التكتلات ولا التيارات السياسية، فقط.. أشخاص يبحثون عن أدوار، فإذا انحسرت عنهم الأضواء بحثوا عنها بخطبة عنترية في ندوة أو موقع إخباري يبحث هو الآخر عن قارئ، المعارض الحقيقي لا يسكته منصب ولا ينتظر تمويلًا من الخارج، المعارض الوطني يواجه ويتحمل تبعات رسالته ولا ينزوي مهما كانت التحديات.

لقد صنع الإعلام الهش أبطالًا من معارضين أكثر هشاشة، عندما خاض في أعراضهم ونال من أسرهم، فتعاطف البعض معهم، وعلى من بيده القرار أن يضبط هذا الانفلات الإعلامي لأن كل ما يقدم لا يتحمل تبعاته إلا رئيس يتحلى بأخلاق يفتقدها العديد من الإعلاميين.
basher_hassan@hotmail.com
الجريدة الرسمية