رئيس التحرير
عصام كامل

«القذافي» رئيسا لليبيا من جديد


أتعجب كثيرا من ذلك الإصرار الغريب من "رجال حكم القذافي" على العودة بليبيا إلى عهود القهر والديكتاتورية، من خلال مؤامرة محكمة يستخدمون خلالها شعارات زائفة لخداع البسطاء من الليبيين، بهدف العودة إلى صولجان الحكم، واحتكار ثروات الشعب من جديد، كما كان الوضع في عهد "القذافي".


فقد انطلقت منذ أيام حملة منظمة تمهد بشكل مدروس لتقديم "سيف الإسلام القذافي" نجل الرئيس الليبي الراحل "معمر القذافي" كرجل المرحلة القادر على لم شمل كل الليبيين، والذي يتفق عليه الجميع كمرشح توافقي لحكم البلاد خلال المرحلة القادمة.

ولعل ما يدعو للأسف في تلك الحملة أنها تقدم نجل "القذافي" وكأنه لا يوجد من بين الليبيين من هو مؤهل لقيادة البلاد سواه، لدرجة أن حجم الاستخفاف وصل بهم إلى نشر نتائج استطلاعا للرأي أجرته حركة تطلق على نفسها اسم «مانديلا ليبيا» حول منصب الرئيس القادم في ليبيا، أكدت خلاله رغبة 91.64% من الليبيين في اختيار "سيف القذافي" رئيسا ليبيا في الانتخابات الرئاسية القادمة.

وعلى الرغم من أحقية "سيف القذافي" كمواطن ليبي له كل الحقوق في خوض الانتخابات الرئاسية المقبلة، إلا أن القائمين على أمر الحملة، للأسف، لم يحترموا عقول كل العلماء والسياسيين من أبناء الشعب الليبي، الذين يوجد بينهم المؤهلون علميا وسياسيا، والأقدر بمراحل على تحمل مسئولية البلاد من "نجل القذافي" الذي ستفتح عودته المجال لعودة كل رجال حكم أبيه، الذين ارتضوا بكل سياساته التي لم تجلب للبلاد سوى الجهل والتخلف، رغم الثروات الهائلة التي كانت تنعم بها البلاد، والتي كانت كفيلة بتحول ليبيا إلى قطعة من الجنة، إلا أن "القذافي الأب" استأثر بها لصالحة وصالح عائلته وحاشيته، وترك البلاد بلا صناعة أو زراعة أو تعليم أو صحة، أو حتى ميزة واحدة يمكن يشار إليها في عهده.

ولعل الغريب في الأمر أن تلك الحملة المشبوهة تقدم "القذافي الابن" كرجل ذو خلفية سياسية فذة، اكتسبها خلال فترة حكم والده، وأنه كان صاحب الفضل حل قضية "الفريق الطبي البلغاري" الذي ثبت حقنه لعشرات الليبيين بفيروس "الإيدز"، وتم الإفراج عنهم في عام 2007، متناسين أن وساطة "سيف القذافي" قد انتهت بفضيحة لليبيا، حيث اتفق مع الحكومة البلغارية على الإفراج عن الفريق الطبي، على أن تتم محاكمتهم في بلغاريا، وخُدعَ، واستقبل الرئيس والشعب البلغاري الفريق الطبي في المطار استقبال الفاتحين، دون أن يسأل أي منهم.

كما يروج "رجال القذافي" لعبقرية "القذافي الابن" بالدور الذي لعبه في حل أزمة" ضحايا الطائرة الأمريكية، التي اتمهت ليبيا بتفجيرها فوق قرية "لوكربي" بإسكتلندا عام 1988، في حين أن ما قدمته ليبيا من تعويضات بواسطة "سيف القذافي" كان يحوي أمام العالم اعترافا ضمنيا بقيام ليبيا بتفجير الطائرة.

كما ينسب "رجال حكم القذافي" لمرشحهم المنتظر، الفضل في وضع ما يطلقون عليه "المخطط الإصلاحي في مجال الإعلام" والذي أطلق بموجبه في عام 2007 "محطة تلفزيونية خاصة وصحيفتين خاصتين" في ليبيا، متناسين أنه لم يكن باستطاعة وسيلة إعلامية في ليبيا خلال تلك الفترة، سوى التهليل والتطبيل لـ"ملك ملوك أفريقيا".

أؤكد أن طرح "القذافي الابن" الذي ما يزال مطلوبا من المحكمة الجنائية الدولية، في صورة رجل المرحلة في "بلد المختار" ما هو إلا مخطط من "رجال حكم القذافي" من أجل العودة إلى حكم البلاد من جديد، وأنه يوجد من أبناء ليبيا المئات من المؤهلين علميا وسياسيا، جميعهم قادرون على تحمل مسئولية البلاد في المرحلة القادمة، بعيدًا عن مشروع المصالحة السياسية والعلاقات الدولية المزعومة لـ"نجل القذافي"، والذي لن يعود على ليبيا سوى بحكم "القذافي" من جديد.
الجريدة الرسمية