رئيس التحرير
عصام كامل

برهامي والضفدعة!


كنا في معامل العلوم ورغم سذاجة التجارب وبساطتها لتلاميذ الإعدادي لآخر الأجيال التي حصلت على ما تبقى من تعليم جيد إلا أن التجارب كانت تستهوينا جدا وتفيدنا إلى أقصى درجة وبما يفتح خيال تلاميذ صغار مثلنا وقتها.. كان بعض الأساتذة يستطيعون الحصول على ضفادع مثلا - ولا نعرف كيف كانوا يمسكونها ويقبضون عليها رغم قفزاتها- لمجرد درس بسيط في الأحياء وليس حتى في الكيمياء وينتهي الأمر بالأسئلة الساذجة لتلاميذ أبرياء: "شفت الضفدعة؟ مسكتها؟ لمستها؟" لكنها في كل الأحوال كانت تقربنا للفهم الصحيح!


الآن أرسل لنا القدر نموذجا رائعا وعمليا لفهم الفرق بين مدرستي العقل والنقل في فهم الإسلام.. الأولى وكما قلنا قبل اليوم يمثلها مؤسسها الأول الإمام الأعظم "أبو حنيفة"، ومرورا بالكثيرين في العصر الحديث مثل الإمام "محمد عبده" والشيخ "شلتوت" إلى عدد من مفكري اليوم..

والأخرى يمثلها الباقي كله بلا استثناء مهما اقسموا على غير ذلك.. وحتى نفهم ميكانيكا فتاوي "برهامي" علينا أن نفهم ميكانيكا الحركة بعقله.. والحركة المقصودة إليه بالدفع الذاتي.. فهو ومدرسته يؤمنون بكل علوم القرآن وأولها علم الناسخ والمنسوخ.. وهو علم بشري خالص إذا تركناه كله فلا ينقص من إسلامنا شيء.. والإسلام مكتمل من غيره ومن قبله ومن بعده.. وملخص هذا العلم بتبسيط شديد أن هناك في القرآن آيات كثيرة نزلت ثم نزلت بعدها آيات أخرى تلغي حكمها..

لذلك تبقى نص في التنزيل الحكيم ولا يبقى حكمها! كثيرون من مدرسة العقل قالوا إن ذلك مستحيل.. وآيات القرآن تكمل بعضها بعضا وتفسر نفسها من خلال سياقها وأن الله سبحانه لا يمكن أن ينزل حكما ثم يلغيه بعد ذلك!! "برهامي" يؤمن بالناسخ والمنسوخ والذي جاءت على أساسه أغلب الأحكام التي تتعرض لغير المسلمين خصوصا وأن مدرسته نفسها -النقل- لا تعرف الفرق بين ألفاظ القرآن وهي دقيقة للغاية ميزها القرآن بإحكام شديد..

لذلك لا يعرف ولا يعرفون الفرق بين الكافرين والمشركين وأهل الكتاب، ولا يعرف أن القرآن في الإجمال والعموم وصف أصحاب الديانات السماوية بأنهم "أهل الكتاب"، لكن الخلط عند هؤلاء بين كل المصطلحات مع تقديس ما أنتجه البشر مثل الناسخ والمنسوخ أنتج لنا فتاوى "برهامي"!

ما الحل؟ لإنهاء ظواهر برهامي وغيره؟ ليس بالرد كل مرة والاشتباك اللفظي معه.. إذ إننا لن نغير من الأمر شيء وميكانيكا برهامي وغيره من أبناء مدرسته التي تحفظ ولا تفهم ستنتج لنا فتاوى جديدة.. إنما الحل في التجديد التجديد التجديد.. بالعودة إلى الإسلام الصافي النقي الجميل قبل إضافات البشر بالانحراف بفهمه وتفسيره.. أما الإسلام وكتابه السماوي فمحفوظ بعهد الرحمن!
الجريدة الرسمية