رئيس التحرير
عصام كامل

«لا شيوعي ولا إخوان».. حكايات عبد القدوس مع «التجنيد» وانتمائه للثوار

فيتو

دخل الكاتب والأديب إحسان عبد القدوس السجن لأول مرة حين بدأ نشاطه السياسي بكتابة مقال ضد السفير البريطانى لورد كيلرن ليخرج من السجن رئيسا لتحرير مجلة روز اليوسف ويحاول كبار السياسيين إغراءه واحتواءه.


وكما ذكر الصحفى محمد الشناوى في المذكرات التي كتبها عن لسان إحسان عبد القدوس والتي نشرتها مجلة الجديد عام 1973 وأعاد نشرها إبراهيم عبد العزيز بمجلة الإذاعة فقد حاول رئيس الوزراء أحمد ماهر تعيينه سكرتيرا برلمانيا وقت كان رئيسا للبرلمان.

وحاول أحمد حسنين رئيس الديوان الملكى أن يجعله جاسوسا على زملائه طلاب الحقوق، كما حاول معظم رؤساء الأحزاب ضمه إليهم.

إلا أن إحسان رفضهم جميعا لكنه لم يقطع علاقته بهم كمصادر صحفية، غير أن أخطر محاولة لاحتوائه جاءت من حسن البنا المرشد العام للإخوان آنذاك.

قال إحسان عبد القدوس: "كنت موقنا في قرارة نفسى بأن مصر الخالدة تحمل في أحشائها جنين الثورة، لأن ما يحدث على أرض الواقع كان يصرخ بحتمية الثورة لتعيد إلى مصر وجهها الصحيح، وكنت موقنا أن بذرة الثورة تكمن في مكان بعيد عن السلطة وأن الثوار الحقيقيين يختبئون بعيدا عن الأضواء بعيدا عن الأحزاب الرسمية، فقررت الاتجاه إلى التجمعات الثورية المعلن عنها وغير المعلن".

كان لقائى الأول مع حسن البنا في بدايات عمل جماعة الإخوان، وكان مبعث اهتمامى بالإخوان تأكيدهم على مبدأ الشورى المعروف في الإسلام الذي يرفض ضمنيا النظام الملكى الوراثى فقررت التعرف عليهم عن قرب، فكنت أول صحفى يلتقى بحسن البنا وأجريت معه الحديث المشهور الذي نشر بعنوان (الرجل الذي يقود نصف مليون).

وكان الهدف الأول من اللقاء التعرف على حقيقة هذه الجماعة ومدى ثوريتها وفهمها لظروف المرحلة التي يجتازها الواقع المصرى، كنت أريد معرفة طريقة تفكير البنا ومنهجه.

إلا أننى لم أجد لدى جماعة الإخوان ما كنت أبحث عنه، كنت أريد خطوطا واضحة مفصلة ولم أجد لديهم سوى وجهة نظر عريضة وغائمة في كثير من نواحيها، كما أننى لم أجد من يقنعنى هناك سوى شخصية حسن البنا نفسه، رغم أننى أخذت عليه يومها محاولته إقحام النصوص الدينية في الحوار بشكل يفرض على الاستسلام لوجهة نظره، وهو أسلوب لا أستريح له في أي مناقشة فكرية.

وإن إدخال ما لا يقبل الجدل والمناقشة ضمن الحوار بين طرفين فيه نوع من الإرهاب الفكرى ويسلب الحوار حرية الحركة بين المتحاورين، كما أننى رفضت بشدة كل المحاولات العديدة التي حاولها حسن البنا لضم إلى جماعة الإخوان كعضو منظم فيها.

وأعتقد أن محاولة البنا ضمى للجماعة كان عملا تكتيكيا، أراد به المرشد أن يكسب لتنظيمه عضوا من عالم الصحافة، ولأنى مسلما ونشأتى الأولى كانت في حضانة جدى الشيخ أحمد رضوان مما أرسى في نفسى قاعدة ثابتة للوازع الدينى وهو أمر أحس به المرحوم حسن البنا منذ أول لقاء.

ولما نشرت المجلة برنامج الحزب الشيوعى لأول مرة في تاريخ الصحافة العربية فاتهمت بالشيوعية، أنا لست مسلما متعصبا.. أنا مسلم فحسب، ولست شيوعيا ـــ ولن أكون يوما ما ـــ لكننى ابن طبيعى لطبقتى المتوسطة بكل مزايا وعيوب هذه الطبقة، وكل ما عملته آنذاك كان تعبيرًا أمينًا عن رفض طبقتى لما كان يجرى على أرض الواقع.
الجريدة الرسمية