رئيس التحرير
عصام كامل

غياب السياسة!


قليل هم الوزراء السياسيون الذين عرفتهم مصر ومن ثم فلا عجب أن تغيب السياسة والرؤية وتتراكم الأزمات وتصبح المناصب العليا طاردة للكفاءات.. كما لا تعترف ثقافتنا بتولي غير المتخصصين منصب الوزير كما يحدث في دول كبرى لا تشترط أن يكون وزير الداخلية ضابطًا مثلًا ولا وزير الصحة طبيبًا.. المهم عندها هو من يمتلك القدرة على الإدارة والرؤية الخلاقة والحس السياسي والإخلاص للوطن ثم يترك التفاصيل التي يغرق فيها وزراؤنا لمساعديه من التكنوقراط الأكفاء.


وما نجاح السياسة في تلك الدول إلا لوجود أحزاب ناجحة ومدارس متقدمة في الإدارة يتخرج فيها من يصلحون لأي منصب سياسي.. الأمر الذي يطرح سؤالًا مهمًا: هل ثمة من يدرس أسباب العزوف عن تولى المناصب السياسية عندنا.. وهل بدأنا علاج مثل هذه الآفة الخطيرة.. وهل بدأنا بناء طبقة أو نخبة سياسية جديدة قادرة على تسلم زمام القيادة حال خلو المناصب.. وهل ثمة محفزات وإصلاحات تشريعية تجفف منابع أي فساد محتمل، وتنهي ظاهرة الأيدي المرتعشة عند اتخاذ القرارات المهمة حتى لا تتعطل المراكب السايرة.

أحسب أن القيادة السياسية تدرك كل هذه المخاطر وقد بدأت منذ فترة في علاج أسبابها باستحداث أجهزة ومؤسسات يمكنها تخريج كوادر شابة تصلح للعمل السياسي والإداري بجميع مستوياته مثلما نرى في البرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب للقيادة والأكاديمية الوطنية للتدريب، ناهيك عن المنتديات الشبابية حتى تتعافى الأحزاب وتنهض بوظيفتها المفقودة وحتى لا نعطى الفرصة للمتآمرين لتمزيق البلاد واللعب على مشاعر البسطاء وإساءة العلاقة بين الشعب وحكامه.. صدقوني.. مصر تتغير إلى الأفضل فقط نحتاج مزيدًا من الوعي والصبر للعبور للأحسن وهو قادم.. قادم إن شاء الله.
الجريدة الرسمية