«السلطان وحريمه» يغزون أعمالنا... نسينا!
فازت الفنانة "إسعاد يونس" بلقاء التركية "مريم أوزرلي" في برنامجها الجميل "صاحبة السعادة"، وجاءت الحلقة لطيفة ممتعة بأداء "إسعاد" العفوي البديع، وحرصها على تعريف ضيفتها على بعض العادات والأكلات المصرية وتجربتها عمليًا، والكشف عن الجانب الآخر من حياة الممثلة التركية، التي أدهشت المشاهدين بدور "السلطانة هُيام"، في مسلسل "حريم السلطان".
ومع سعي أوزرلي لتقديم نفسها بشكل مثالي يواكب الثقافة العربية، إلا أن نجومية الحلقة حُسمت لصالح "صاحبة السعادة" إسعاد يونس.
من تابع مسيرة "أوزرلي" بعد تميزها في "حريم السلطان" يعرف أن أنباء حياتها الخاصة ومشكلاتها المهنية تطغى على الأعمال، التي تشارك فيها وهي تكاد تعد على الأصابع، لذا انصرفت كثير من الشركات عنها ولم تعد تستعين بها، لأنها متطلبة فضلا عن مشكلاتها الخاصة التي تنعكس دوما على الدراما.
من هنا تفكر "أوزرلي" في نقل إقامتها إلى دولة عربية خلال العام الجديد، وقالت إنها تفضل العيش إما في بيروت أو دبي أو القاهرة.. لكنها طبعا لم تشر إلى سبب رغبتها في الإقامة العربية، وهي التي ولدت وعاشت في ألمانيا لأب تركي وأم ألمانية، وباتت ممثلة معروفة منذ مشاركتها في "حريم السلطان" رغم عدم إجادتها اللغة التركية.
لا أجد تفسيرا للضجة المصاحبة لزيارة الممثلة التركية، والمواكبة الإعلامية لتحركاتها وحفلاتها وزياراتها النوادي الرياضية ومواقع تصوير الأفلام، فهي ليست من الأسماء المؤثرة في بلدها ولا تحظى بنجومية كبيرة كالتي تعامل بها عربيًا. وإن كانت صرحت لأحد البرامج الخليجية عن تواجدها في مصر للاتفاق على أعمال درامية، فضلا عن المشاركة في فيلم مصري يصور حاليا، رغم نفي فريق الفيلم مشاركتها معهم..
فهذا يقودنا إلى السؤال عن سبب ركض شركات الإنتاج خلف الأتراك تحديدا، لاشراكهم في الأعمال المصرية؟!
الأمر لا يقتصر على "أوزرلي" فقط، فالفنان خالد أرغنش "السلطان سليمان" في مسلسل "حريم السلطان" أيضا موجود في القاهرة لتصوير دوره في فيلم "كازابلانكا" مع أمير كرارة ونخبة من الفنانين، وتردد أنه سيتقاضى مليون ليرة تركية "أكثر من 3 ملايين جنيه مصري" عن دور لا يتجاوز الـ10 دقائق..
ومع الاعتراف الكامل بنجومية "أرغنش"، لكن ما الداعي للاستعانة به، خصوصا أن زوجته الفنانة "بيرجوزار كوريل" تعمدت غير مرة التقليل من أهمية المشاهدة العربية للدراما التركية، وأن منع عرضها في الوطن العربي لن يؤثر عليها، تقول كوريل "العالم العربي ليس سوقًا كبيرة للمسلسلات التركية ولن نتأثر بالمنع، أمريكا اللاتينية هي أكبر منطقة تصل إليها المسلسلات التركية"..
فإذا كانوا هم يستهينون بنا كعرب فلماذا نستعين بهم ونحتفي بهم إلى هذا الحد؟!
لست مع التعامل العنصري في الفن وسواه، خصوصا أن مصر احتضنت مئات الفنانين العرب، وكانت وراء شهرتهم الطاغية منذ أكثر من 100 سنة وما زالت، لكني أتوقف عند الحالة التركية تحديدا، لأن تزامن وجود "خالد أرغنش" و"مريم أوزرلي" "السلطان وحريمه" في القاهرة، يعني بداية غزو تركي لأعمالنا الدرامية، وهنا تكمن المشكلة!!.
أفهم أن تحتفي قطر أو إيران أو حتى الكويت بالنجوم الأتراك وتدعوهم للزيارة والتكريم بين وقت وآخر، لأن العلاقة بينهم وتركيا في أوجها. لكن كيف يحتفي أهل الفن في مصر بنجوم الدراما التركية ويستعينون بهم، وتركيا رأس الحربة مع قطر في الحرب على مصر! ولا يترك رئيسها أردوغان فرصة إلا يوجه فيها الانتقاد إلينا بعبارات جارحة تنم عن سوء أخلاق وحقد دفين..
تركيا حاضنة قيادات الإخوان الإرهابية، فتحت فضاؤها لقنوات مشبوهة تبث عشرات البرامج البغيضة همها الوحيد الإساءة إلى مصر وقيادتها وتأليب المجتمع الدولي عليها بأكاذيب ومعلومات مضللة.
تركيا دربت الجماعات الإرهابية في أرضها، وأمدتهم بالسلاح والعتاد القادم من قطر، ويسرت تهريبهم ودخولهم مصر عبر أنفاق غزة.. هل نسينا ما خسرناه وعانيناه في السنوات السبع الماضية بسبب المؤامرة، التي يحاول أردوغان وشركاه حتى الآن تجديدها وانجاحها ليصبح خليفة للمسلمين ويستعيد أمجاد الدولة العثمانية الغابرة..
الشعب لم ينس لكن يبدو أن ذاكرة الفنانين ضعيفة ويحتاجون من يذكرهم ويمنع الغزو التركي قبل اكتماله.