الأزهر ينتصر لقضايا المرأة في 2018.. يصدر «شهادة وفاة» لمبررات المتحرشين.. «وعاشروهن بالمعروف» تطرح أسباب الطلاق وطرق علاجها.. «لم الشمل» تقاوم التفكك الأسري.. وإعداد مشر
تعد قضايا المرأة والأسرة من أهم القضايا التي أولاها الأزهر وإمامه الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، اهتمامًا كبيرًا خلال عام 2018، وكان ذلك استكمالا لجهود ممتدة بدأها الأزهر منذ سنوات عديدة، حيث طالب الأزهر بضرورة تمكين المرأة وحصولها على حقوقها العادلة، واحترام كرامتها الإنسانية واستغلالِ طاقاتها المُهدرة، وإعطائها حقوقها كاملة كشريك أساسي للرجل في بناء الأسرة وصناعة النهضة، وقد اتخذت جهود الأزهر خلال عام 2018 توجهًا شاملًا، يراعي مصالح كل أفراد الأسرة، ولا ينحاز لطرف على حساب آخر.
وخلال السطور التالية ترصد "فيتو" جهود الأزهر لنصرة قضايا المرأة في 2018..
وحدة "لمّ الشمل"
استحدث مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية وحدة "لمِّ الشَّمْل"، في أبريل عام 2018م، بهدف لم شَّمْل الأسر المصرية والصلح بين المتخاصمين فضلًا عن نشر الوعي وتوعية المقبلين على الزواج عن طريق الندوات والدورات التدريبية، وذلك بناء على توجيهات فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، بالنزول إلى أرض الواقع ومعايشة الجماهير وتلمس همومهم، والبحث عن حلول ناجحة وواقعية للمشكلات المجتمعية، خاصة القضايا الملحَّة، كما هو الحال بالنسبة لقضية ارتفاع معدلات الطلاق، خاصة بين حديثي الزواج، وقد بدأت الوحدة عملها بدارسة ظاهرة الطلاق نظريًا، ثم انطلقت إلى أرض الواقع لتمارس دورها العملي في القرى والنجوع والمراكز في كل محافظات الجمهورية.
"وعاشروهن بالمعروف"
وفي سبتمبر 2018، أطلق المركز الإعلامي للأزهر الشريف بالتعاون مع مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، حملة بعنوان "وعاشروهن بالمعروف" لمواجهة أحد أخطر المشكلات الاجتماعية في الوقت الحالي، وهي ارتفاع معدلات الطلاق والتفكك الأسري، وذلك في إطار الدور الدعوي والاجتماعي الذي يضطلع به الأزهر الشريف، والذي يتضافر مع دوره التعليمي والديني، من أجل الحفاظ على الاستقرار الأسري، وسلطت حملة "وعاشروهن بالمعروف"، عبر ست عشرة رسالة، الضوء على أهم أسباب الطلاق وطرق علاجها، والتي كان من أهمها الطلاق النفسي، باعتباره أحد الأسباب التي قد تؤدي لغياب المودة بين الزوجين، بالإضافة إلى تدخل الأهل في حياة الزوجين، والشك والغيرة، وإهمال الاحتياجات المعنوية بين الطرفين، فضلًا عن العنف بين الزوجين، والروتين الأسري.
تجريم التحرش
كما اتخذ الأزهر الشريف في عام 2018 موقفًا حاسمًا تجاه ظاهرة التحرش الجنسي كأحد أخطر الظواهر الاجتماعية ضد المرأة، منتصرًا لكرامتها وحريتها وحقوقها، حيث أعلن الأزهر رفضه القاطع لتلك الظاهرة غير الأخلاقية، مشددًا على تجريم التحرش إشارة أو لفظًا أو فعلًا، تجريمًا مطلقًا ومجردًا من أي شرط أو سياق.
وأكد على أنه فعل يأثم فاعله شرعًا ولا يجوز تبريره بسلوك أو ملابس الفتاة، ولاقى موقف الأزهر ترحيبًا كبيرًا في الأوساط الاجتماعية والنسائية، كما حظي بتغطية واسعة من مختلف وسائل الإعلام الدولية، مثل "وكالة الأنباء الفرنسية – وكالة رويترز – وكالة أسوشيتيد برس- صحيفة ديلي ميل البريطانية - صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية – صحيفة لوفيجارو الفرنسية – صحيفة لوموند الفرنسية - صحيفة ذا تايمز أوف إنديا الهندية - موقع قناة دويتش فيله الألمانية- موقع بي بي سي البريطاني".
مشروع "الأحوال الشخصية"
وتجلَّى اهتمام الأزهر الشريف بقضايا الأسرة في قرار فضيلة الإمام الأكبر بتشكيل لجنة من كبار العلماء وأساتذة القانون والخبراء المتخصصين لإعداد مقترح مشروع بقانون لتعديل بعض أحكام القوانين المصرية المتعلقة بالأحوال الشخصية، بما يجمع لأول مرة، أحكام الأحوال الشخصية والأسرة، الموزعة على عدة قوانين، في إطار نسق قانوني واحد، يتسم بالشمولية والتجانس.
وشدد شيخ الأزهر، خلال ترأسه للاجتماع الأول للجنة على ضرورة أن يتضمن مشروع القانون: آلية محكمة لتنفيذ الأحكام القضائية الخاصة بقضايا الأسرة، ومراعاة تقديم نفقة عادلة للمرأة في حالة الانفصال بما يضمن رعاية جيدة للأطفال، ووضع نصوص محكمة للالتزام بضوابط الحضانة، ومعالجة المشكلات الناتجة عن تعدد الزوجات، وضبط الحقوق والواجبات المترتبة على الطلاق، وبدأت هيئة كبار العلماء عقد سلسلة اجتماعات أسبوعية لمناقشة مشروع القانون الذي أعدته اللجنة تمهيدًا لإرساله إلى الجهات المختصة.
التمكين في العمل
وحرصًا من فضيلة الإمام الأكبر على دعم وتمكين المرأة المصرية، وتهيئة الظروف المناسبة لها للعمل وتقديرًا لظروفها الأسرية، أصدر فضيلته القرار رقم 32 لسنة 2018 والذي ينص على حظر نقل السيدات من أماكن عملهن ما لم يكن برغبتهن، ويأتي هذا القرار ضمن سلسلة القرارات التي اتخذها الأزهر الشريف لصالح المرأة، من أجل التخفيف عليها وتقليل أعباء السفر للأماكن البعيدة عن عملها في مناطق كثيرة، ورحب المجلس القومي للمرأة بالقرار، مؤكدًا أنه قرار إنساني بالدرجة الأولى، وامتدادًا لسياسات شيخ الأزهر في دعم وتمكين المرأة المصرية، وتعبيرًا عن تقدير فضيلته واحترامه لظروفهن الأسرية، بما يعكس تقدير الدين الإسلامي الحنيف لأهمية دور المرأة في المجتمع.
العنف ضد المرأة
وأصدر في الخامس والعشرين من نوفمبر 2018 مركز الأزهر العالمي للرصد والفتوى الإلكترونية بيانًا بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة، دعا فيه إلى نبذ كافة أشكال العنف الموجه ضد المرأة، باعتباره عملًا يتنافى مع ما دعا له الدين الإسلامي الحنيف الذي كرم المرأة ومنحها العديد من الحقوق التي لم تحصل عليها من قبل، كما أكد البيان على أن المرأة أصبحت في يومنا هذا شريكًا قويًّا فاعلًا في إدارة شئون الأسرة والبلاد والمجتمع بأسره، وتضمن البيان رصدًا لأشكال العنف المختلفة التي تتعرض له المرأة، مع التأكيد على آثارها السلبية على الأسرة وأفراد المجتمع.
كرامة الطفل
وكان للطفل نصيب من اهتمام الأزهر بقضايا الأسرة في عام 2018، حيث شارك فضيلة الإمام الأكبر في "ملتقى تحالف الأديان لأمن المجتمعات.. كرامة الطفل في العالم الرقمي"، الذي عقد في العاصمة الإماراتية "أبو ظبى"، وألقى الكلمة الرئيسية في الملتقى، مشددًا خلالها على أنه بلغ من رعايةِ الإسلام لحقوقِ الطفلِ أنْ حَفِظَ له نصيبَه في الميراثِ وهو جنينٌ في بَطْنِ أُمِّه، وحَرَّمَ الاعتِداءَ على حياةِ الأَجِنَّةِ والمساسَ بها تحتَ أي ظرفٍ من الظُّرُوفِ، اللَّهُمَّ إلَّا ظَرْفًا واحدًا فقط هو أن يُمثِّلَ بَقاءُ الجنينِ خَطرًا مُحقَّقًا على حياةِ الأمِّ، وفيما عدا ذلك لا يجوزُ إجهاضُ الطفلِ متى حلَّت فيه الحياةُ مهما كانت الظُّروفُ والملابسات؛ لحُرْمَةَ حياة الطفل، وأوضح الإمام الأكبر مثالًا آخَر يُظهِرُ عِنايةَ الشريعةِ بحَضانةِ الطفلِ، وهو أنَّ الطفلَ الذي يُولَدُ من أبٍ مُسلِمٍ وأمٍّ مسيحيَّةٍ أو يهوديَّةٍ، ثم يَفتَرِقُ أبواه لأيِّ سببٍ من الأسبابِ فإنَّ شريعةَ الإسلامِ تَقضِي للأمِّ المسيحيَّةِ أو اليهوديَّةِ بحضانةِ الطفلِ المسلمِ ولا تَقضِي لأبيه وأُسرتِه المُسلِمةِ بحضانتِه.