رئيس التحرير
عصام كامل

سيد حافظ.. رحلة عذاب 50 عاما في جمع القمامة (فيديو وصور)

فيتو

"مع زقزقة العصافير، وحبات الندى المتساقطة، في فجر اليوم الجديد، تبدأ رحلة العم سيد صاحب الثامنة والخمسين من عمره، مع فرز تلال القمامة، وعلى وجهه ارتسمت شقاء السنوات التي مر بها، وحفرت معالمه على جبينه، ونظرات عينه الحالمة بالمستقبل مهما بلغ من العمر عتيه، هذا الرجل الذي لم تشم أنفه سوى رائحة القمامة حتى أصبح لا يميز رائحة الورد.


"فيتو" تسرد رحلة عذاب سيد علي حافظ، أقدم عمال الفرز بمصنع إدارة المخلفات الصلبة، مع القمامة والمخلفات على مدار 50 عامًا.

وقال العم سيد: "رحلتي مع القمامة بدأت وأنا في سن الثامنة من عمري، وكانت البداية جمع القمامة من الشارع، إلى أن تم الإعلان عن وظائف لعمال النظافة والتحقت بها ومنذ ذلك الوقت وأعمل وسط القمامة والمخلفات الصلبة".

وتابع: "أستيقظ في الساعات الأولى من الصباح، أرتدي ملابسي الزرقاء وقفاذي واضعا الشاش والعمامة والخوذة البيضاء لحمايتي من برد الشتاء خاصة في تلك الساعات من الصباح لأقف أمام بوابات المصنع في الساعة الثامنة صباحًا، انتظارًا للسيارات المحملة بالقمامة والمخلفات"، منوهًا إلى أن يومه يبدأ بفرز المواد البلاستيك الحديد ووضعها في أكياس للاستفادة منها في المصنع، وباقي المخلفات يتم دخولها الفرمة.

وعن أصعب ما يواجهه في مهنته قال "سيد حافظ": "كسر الزجاج وقوالب الطوب، هما من أكثر المخلفات إيذاءًا لي"، مطالبًا المواطنين بضرورة وضع هذه المخلفات في أجولة مخصصة لذلك ومعرفة السائق الذي يجمع منهم بهذا الأمر حتى لا يلقيها في مكان واحد، خاصة أنه يوجد مكان مخصص لكل مخلفات وقمامة بحسب النوع.

وعن اختلاف المهنة في الماضي عن الحاضر أضاف: "كانت الناس أكثر التزامًا واحترامًا في كل شيء، لكن الأوضاع اختلفت كثيرًا والمواطن كان يعرف أماكن إلقاء المخلفات ولم يكن هناك تلال للقمامة، وللأسف الجميع أصبح يستسهل إلقاء المخلفات ونجد شخصا يركب سيارة فخمة وآخر يرتدي زيًا لا مثيل له، لكن تصرفاتهم غير حضارية.

وأردف: "الحياة تجعلنا في بعض الأحيان لا نختار طريقنا، وأنا لم أختار تلك المهنة لكنها اختارتني.. ولقمة عيش في نهاية لأولادي وأحفادي، لم أخجل يومًا من عملي ونحن كما تربينا في تلك المهنة نجمع قمامة الجميع من الكبير إلى الصغير، ولا أعرف سوى تلك المهنة التي احترفتها حتى صارت قطعة مني لدرجة أني لا أشم رائحة غيرها ضاحكًا: "لا أعرف رائحة الورد والفل لكني أستطيع تمييز روائح القمامة وأعلم ما يحوي كل كيس قبل فتحه".

وعن مرتبات عامل القمامة قال: "الرواتب منذ أن عملنا بتلك المهنة لم تتغير، لكن تحسنت في الفترة الأخيرة، وعلى الرغم من أني قاربت عن سن المعاش إلا أني لن أتوقف عن العمل وسوف أظل بتلك المهنة حتى الموت فهي حياة بالنسبة لي".
الجريدة الرسمية