تحت ضغط الأزمة!
هناك فارق كبير جدا بين أن يتصرف الإنسان وظروفه عادية، وأن يتصرف الإنسان وهو تحت ضغط.. وذات الأمر ينطبق على الدول والحكومات.. الدول التي تتعرض لضغوط وأزمات تتصرف بطريقة تختلف عن تصرفها وظروفها عادية ولا تعانى من هذه الأزمات.
وهذا يمكن أن نلاحظه ونرصده بوضوح في تصرفات وسلوك دول عديدة، سواء حولنا وقريبة منا، أو بعيدة عنا.. فمن يتعرض لمشكلات وأزمات وضغوط يضطر إلى تقديم تنازلات عادة أو القبول بما كان لا يرضى أو يقبل به عادة من قبل.. بل إنه يضطر أن يقول ما كان يرفض أن يقول به من قبل.
ولذلك على الدول والحكومات الذكية أن تتفادى دوما الأزمات والمشكلات، حتى لا تتعرض لضغوط تجبرها على القبول بما كانت ترفضه.. وهذا ما يوصف بعملية تحصين الأمن القومى.. وهذا التحصين يحتاج لقراءة وتشخيص سليم للواقع الاقليمى والدولى، وعلاقات القوى الدولية، واحتمالات التغيرات التي يمكن أن تشهدها الخريطة الإقليمية والدولية.. أي يحتاج ليقظة دائمة على مدار الساعة كما يقال.
كما يحتاج ذلك أيضا الجمع ما بين دراسة القرارات والمواقف التي تتخذها الدولة، أو يتعين عليها أن تتخذها تجاه أحداث منطقتها وعالمها، وما بين سرعة اتخاذ هذه القرارات والمواقف.. فإذا كانت القرارات التي لا تسبقها دراسة كارثة، فإن القرارات المتأخرة هي الأخرى كارثة وربما أكبر.. وقد رأينا أن مشكلة الرئيس الفرنسي ماكرون الآن تتمثل في أنه بدأ التراجع أمام حركة الاحتجاجات متأخرا.