رئيس التحرير
عصام كامل

«محمد» والنساء


 

 

من أنا حتى أدافع عن "محمد" خير خلق الله كلهم، ولكن هذا المقال لا بد أن يرى النور بعدما سبقته بضعة مقالات عن خاتم الأنبياء، وشهادة غير المسلمين عنه وله في مقام النبوة والجهاد.. لكن زيجات النبي الأكرم كانت دوما محل انتقاد ممن يُغفلون الحق عمدا، وفي الواقع لا أجد أي حرج من سرد زيجات الرسول الكثيرة والمتنوعة، والتي ما زالت نقطة ينتقده بسببها الجهلاء والملحدون والكارهون للحق، ومن أتى به لنقذ البشرية من جور الأقوياء على المستضعفين.

أبدا لا يحتاج النبي الكريم للدفاع عنه، ولكن يجب علينا أن نحق الحق، ونشهد بكل موضوعية وتمهل في عصر غلب عليه الزيف والضلال، والصخب المتعمد والذي يلبس الباطل ثوب الحق.. إن زواج "محمد" بكل نسائه تقريبا كان جهادا ودفاعا إنسانيا راقيا عن مستضعفات عصره من النساء، ورحمة بهن في عصر شديد القسوة والابتذال.

خديجة.. الزوجة والأم والشقيقة
من يتأمل زواج الرسول من السيدة الفاضلة خديجة بنت خويلد، إحدى سيدات قريش الشريفات والمشهود لهن بالعفة والصلاح في مجتمع لا يخشى الله، يجد أن هذه السيدة الفاضلة قد وجدت في الشاب الوسيم النبيل المهذب محمد، والذي كان يصغرها بخمسة عشر عاما كاملة، كل صفات الرجولة والشهامة والمروءة والصدق والأمانة التي تحلم بها أي امرأة في زوجها، فما بالك بسيدة أرملة تخطت الأربعين بقليل، تدرك جيدا صنوف الرجال. 

تنتقي محمدا الفقير الأجير وهي الثرية، ذلك لأنها تعي جيدا نبل هذا الرجل وزهده وترفعه عن أموال النساء، تقترب من سن اليأس وتتزوج بشاب صغير، لأنها تستشف عفافه وترفعه عن صغائر قومها، بل وصغائر البشرية بأسرها، فهل يعقل أن يكون هذا الرجل شهوانيا وعاشقا لحسن النساء وهو يتزوج من تكبره بسنوات عديدة، حتما من يفعل ذلك لا يمكن إلا أن يكون إنسانا رؤوفا رحيما محسنا للنصف الأضعف من بني البشر وهم النساء! 

موت خديجة 
تموت خديجة، فيشعر محمد بالحزن، لدرجة أنه يسمى عام رحيلها بعام الحزن، لم يتخذ الزوج النبيل زوجة أخرى في حياتها رغم كبر سنها وتوديعها لما يطلبه الرجال من النساء عادة، ولكن هل هناك من يقارن بمحمد النبيل الكريم العفيف من بين كل الرجال، تموت خديجة ويفقد أطهر حب عرفته البشرية، فيبقى ذاكرا لها ومعددا لفضائلها حتى بعد رحيلها ولسنوات طوال، فلقد كانت بمثابة أما رحيما له وشقيقة حنونا، هل هناك من يملك مثل هذا الوفاء ويكون رجل شهوة كما يدعي أراذل البشر.

سودة بنت زمعة الأرملة العجوز
يموت عنها زوجها وهي سيدة فاضلة عجوز ودعت أيام الصبا، وتخلى عنها جمال النساء وحسنهن، يتزوجها النبي ليرعاها هي وأيتامها، هل رأينا يوما تقدميا واحدا أو ليبراليا يفعل هذا مع سيدة معدمة وصاحبة حظ قليل من الجمال؟ فعل هذا محمد الإنسان شديد النبيل التقدمي المهذب، الذي أدبه رب العالمين وجعل خلقه آية ومعجزة في حياة البشر كلهم. 

حبيبة بنت أبى سفيان 
تهاجر مع زوجها للحبشة ويموت هناك، فمن لها غير الزاهد الكريم سيد الفضائل وراحم الضعيفات، والمجاهد في سبيل نصرة المستعفين، يتزوجها ليكفلها ويشرفها وهي ابنة من ناصبه العداء وقاتله في بدر وأحد، فهل هناك أطهر وأنبل من هذا النبي!

حفصة بنت عمر
يشفق الرسول الكريم على ابنة صديقه الفاروق، والتي لم يتقدم لها أحد قط من أصحابه أو أصحاب أبيها لتواضع حسنها، فيأبى الرسول أن يتركها في ألم نفسي فيطيب خاطرها، ويسعد قلب أبيها ويتزوجها إكراما لهما.. هل هذا سلوك رجل شهواني عاشق لحسن النساء، أم كريم لبيب فطن لجبر خواطر المنكسرين! 

صفية بنت حُيي
يجدها الرسول مهانة بعد عز وإكرام ومكانة مرموقة وسط قومها، فأبوها كان سيدا لقومه، ولكنه كان يهوديا يناصب خاتم الأنبياء العداء، فيأبى الرسول أن يقهرها ويترك الآخرين يمارسون عليها أحقاد عنصرية أو قلبية أو حتى دينية أتى هو ليمحو كل أثارها الجاهلية، فيتزوجها أنبل البشر حتى ينقذ كبرياؤها ويصون كرامتها، ثم يعنف عائشة حبه الأوحد تقريبا بعد خديجة، عندما قالت عنها إنها قصيرة!

  
أي نبي هذا؟ وأي رجل هذا؟ وأي زوج رؤوف رحيم كريم ودود هذا؟ وأي إنسان تقدمي مترفع عن صغائرنا يكون محمدا! صلى الله عليه وسلم.


fotuheng@gmail.com
 

الجريدة الرسمية