رئيس التحرير
عصام كامل

إبراهيم سعدة.. وإعلاميو هذا الزمن!


ما أكثر ما أثاره رحيل الكاتب العملاق "إبراهيم سعدة" من شجون ومواجع على ما وصل إليه حال الصحافة، التي غاب التكريم عن روادها الحقيقيين في حياتهم وبعد مماتهم.


لقد ترك "سعدة" فراغًا كبيرًا يصعب ملؤه في زمن متهافت ناضب يتناقص فيه المبدعون ويقل فيه الموهوبون والمجتهدون وأصحاب البصمات.. رحل "سعدة" بعد صراع طويل مع المرض والغربة، ومتاعب جمة جراء بلاغات كيدية قدمها ضده نفر من أبناء مؤسسته "أخبار اليوم"، التي ما إن يذكر اسمها إلا ويستدعي إلى الأذهان اسمه كأحد روادها وعمالقتها الكبار الذين أثروها مبنى ومعنى.

كان الراحل صحفيًا بمعنى الكلمة، وكاتبًا فذًا له جمهوره ومحبوه.. كان ثوريًا في أفكاره وطروحاته ونقده.. شابًا في رؤاه، ينتقد بشجاعة وموضوعية.. لم يتلون.. ولم يغير جلده ولا مبادئه مثلما يفعل كثير من إعلاميي هذا الزمن.. كلماته بسيطة اللفظ، عميقة الدلالة والمغزى.. عنوان للحقيقة والموضوعية والحرفية.

تفانى في مهنته وأخلص لقرائه ووطنه.. نال القليل من التكريم وبذل الكثير من الجهد والعطاء.. وأذكر أنني ربما أكون واحدًا ممن حاولوا إنصاف وتكريم هذا الرجل الذي تعرض لجحود وغبن كبيرين بعد تركه قيادة مؤسسة أخبار اليوم.. وأذكر عندما كنت رئيسًا لمؤسسة دار التحرير (الجمهورية) شكّلت لجنة من شيوخ المهنة وقع اختيارها على إبراهيم سعدة لتكريمه بجائزة "أفضل عمود صحفي"..

فما كان من الراحل الكبير بعدها إلا أن اتصل بي شاكرًا هذا التكريم الذي لم يأت من مؤسسته التي أفنى فيها عمره، آسفًا مما فعله بعض المنتسبين إليها بتقديم بلاغات كيدية ضده أُريد بها تشويه تاريخه وإهالة التراب على إنجازاته.

رحم الله إبراهيم سعدة نموذجًا مهنيًا رائعًا قلما يجود الزمان بمثله.

ويبقى في رحيله عظة ودروس أنه لا يخلد في ذاكرة الوطن إلا من خدمه بإخلاص، وهو ما يقتضي إعلامنا أن يصلح خطابه وأن ينضم للدولة في معركتها للبقاء والبناء وتسليط الضوء على الإنجازات لخلق مساحة أمل تشد من أزر الرئيس، الذي يستميت حتى يقف هذا البلد على قدميه، منتصرًا على الإرهاب والأمية والعشوائية والمرض.
الجريدة الرسمية