رئيس التحرير
عصام كامل

الدبلومة الأمريكية.. 25 سنة مشكلات (تقرير)

الدكتور خالد عبدالغفار،
الدكتور خالد عبدالغفار، وزير التعليم العالى

جاء قرار الدكتور خالد عبد الغفار، وزير التعليم العالى، بإلغاء القرار رقم 238 لسنة 2015 الخاص بتعديل شكل احتساب المجموع الخاص بشهادة الدبلومة الأمريكية، ليثلج صدور أولياء أمور طلاب الدبلومة الأمريكية الذين عانوا كثيرًا وتكررت شكواهم منذ صدور القرار قبل ثلاثة أعوام.


ومنذ تطبيق نظام الدبلومة الأمريكية قبل نحو 25 عامًا والمشكلات والأزمات التي تثيرها تلك الشهادة لا تنته، وأشار "عبد الغفار" في معرض حديثه عن إلغاء القرار، إلى أنه جاء تلبية لرغبة أولياء الأمور بعد فحص شكاويهم حول القرار الخاص بالدبلومة، وتم الاتفاق مع المجلس الأعلى للجامعات، على إلغاء هذا القرار، ومنح الطلاب الدرجات كاملة بالنظام القديم، موضحًا أن القرار الملغي تمت مناقشته في عام 2013 وجرى تنفيذه عام 2015.

شكاوى أولياء الأمور من القرار المذكور تركزت في أنه كان سببًا رئيسًا في حرمان طلاب الدبلومة من الالتحاق بكليات القمة في مصر سواء في الجامعات الحكومية عن طريق إقراره بما يسمى النسبة المرنة، أو الجامعات الخاصة بحرمانهم من احتساب حافز التفوق والذي وضع من الأساس لإحداث توازن ما بين النسب المئوية التي يحققها طلبة الدبلومة الأمريكية على مستوى العالم وبين التنسيق المصرى بالنسبة المئوية التي تتعدى أعلى نسبة مئوية يحصل عليها الطالب الأول على العالم في الشهادة الأمريكية والذي يؤثر بشكل بالغ الأثر على فرص أبنائهم من التعليم في الجامعات المصرية سواء خاصة أو حكومية.

وكان المجموع الاعتبارى الكلى لطلبة الدبلومة الأمريكية 130% للجامعات الخاصة و124% للتنسيق في الجامعات الحكومية وتم تغييره بموجب القرار 238 لسنة 2015 ليصبح المجموع الكلى من 100%.

وأزمة شهادات الدبلومة الأمريكية لا تقتصر فقط على القرار 238، فهناك العديد من الأزمات التي تواجه تلك الشهادات وطلابها في المدارس؛ ولكن تلك الأزمات مرتبطة بوزارة التربية والتعليم وليس التعليم العالي، وقد بدأت الدبلومة الأمريكية في مصر مع تسعينيات القرن الماضى، ومن المفترض في المدارس التي تقدم هذه الخدمة أنها تطبق النظام الأمريكي في التعليم المعروف بالـ"SAT"، وأن الشهادة التي تمنحها المدارس تلك تعادل الشهادات التي تقدمها المدارس الأمريكية في الولايات المتحدة، وأنها معتمدة من جهات اعتماد دولية في واشنطن، لكن الواقع، يؤكد خلاف ذلك، وأن الدبلومة الأمريكية تحولت على يد البعض من شهادة دولية إلى فخ يقع فيه مئات الطلاب المصريين سنويا.

وحصل آلاف الطلاب على تلك الشهادة، ولا تزال تلك المدارس مستمرة في تقديم خدماتها رغم المشكلات التي تواجهها، ومنها على سبيل المثال وقائع تزوير شهادات الدبلومة الأمريكية، التي تم الكشف عنها مع العام الدراسي ٢٠١٢/ ٢٠١٣، ولا تزال تلك الحالات مستمرة.

وفي عام 2014، تم الكشف عن العديد من حالات التزوير في شهادات الدبلومة الأمريكية عن طريق بعض المدارس، ووقتها أصدر وزير التربية والتعليم الأسبق الدكتور محمود أبو النصر قرارًا بإغلاق 4 مدارس إداريًا لتورطها في تزوير الشهادة في ذلك التوقيت، وقد أحدثت تلك الواقعة ضجة كبيرة في حينها، واستدعى الأمر وزارة التعليم العالي ممثلة في قطاع الشئون الثقافية والبعثات وكان يرأسه الدكتور الهلالي الشربيني الذي تولى منصب وزير التربية والتعليم فيما بعد؛ ولكنه وقت أن كان رئيسًا لقطاع البعثات بالتعليم العالي طلب من المكتب الثقافي المصري في واشنطن إفادات حول وضع الدبلومة الأمريكية في مصر ووقائع تزوير الشهادة، وجرت مخاطبات بينه وبين قطاع التعليم العام بالتربية والتعليم في ذلك الوقت لاتخاذ إجراءات احترازية.

وعندما تولى الدكتور الهلالي الشربيني وزير التربية والتعليم السابق المسئولية، أخذ على عاتقه ضرورة وضع حلول جذرية لأزمات الدبلومة الأمريكية، فخاطب المكتب الثقافي المصري بواشنطن لإعداد تقرير حول جهات اعتماد الدبلومة في مصر، فكشف المكتب الثقافي والتعليمي المصري بواشنطن، من خلال تقرير تضمن خطابا موجها إلى وزير التربية والتعليم ومذكرة مكونة من ٤ صفحات، و١٤ صفحة مرفقات، أهم جوانب نظام الدبلومة الأمريكية، وما توصل إليه المكتب نتيجة دراسة تلك المنظومة خلال الفترة السابقة.

المكتب قدم رأيا صادما حول جهات الاعتماد العاملة في مصر، كما أنه فجر قنبلة من العيار الثقيل عندما أشار إلى المدارس التي تطبق نظام التعليم الأمريكي وتوجد خارج أمريكا ومعتمدة من الولايات المتحدة الأمريكية، حيث جاء في الصفحة السادسة من التقرير، الذي تم إعداده بناءً على طلب الهلالي، فيما يخص المدارس الأمريكية خارج الولايات المتحدة، وأن ما يجعلها تحت مظلة نظام التعليم الأمريكي، وجود إشراف عليها من مكتب المدارس الدولية التابع لوزارة الخارجية الأمريكية وموقعه الرسمي على شبكة الإنترنت (www.state.gov/m/a/os)، كذلك ما يجعلها تحت مظلة التعليم الأمريكي وجود مدرسين وإداريين من الولايات المتحدة، بما يتماشى مع المنطق العام لضمان أن المناهج التي تقدمها المدارس معتمدة من الدولة الأم.

وكمثال لذلك في مصر فإن المدرستين الوحيدتين التابعتين لنظام الدبلومة الأمريكية المعترف بها رسميًا من الولايات المتحدة الأمريكية في مصر هما: مدرسة شودتس الأمريكية بالإسكندرية، ومدرسة كلية القاهرة الأمريكية بالقاهرة، وكلاهما مذكورتان في قائمة المدارس الدولية الأمريكية بالخارج على الموقع الرسمي لوزارة الخارجية الأمريكية (www.state.gov/m/a/os/219750.)، مع ملاحظة أن هاتين المدرستين لا تقومان بختم شهادات الطلاب الصادرة عنها من جهة الاعتماد أو من المكتب الثقافي والتعليمي المصري بواشنطن كما تفعل بقية المدارس الأخرى.

وأثار هذا التقرير غضب أصحاب المدارس الأمريكية في مصر، وأعلنوا حربًا على "الهلالي"، وسعت وزارة التربية والتعليم إلى وضع حلول جذرية ومواجهة الأمر، فصدر قرار وزير التعليم السابق بوقف قبول تراخيص جديدة للدبلومة الأمريكية لحين الانتهاء من تقييم الوضع الحالي، وبعد أكثر من سنة من النقاشات والدراسات والاجتماعات مع أصحاب المدارس التي تدرس الدبلومة الأمريكية، توصلت وزارة التعليم في أواخر عهد الهلالي إلى حل بأن تنهي أسطورة جهات الاعتماد وأن تعتمد المدارس الراغبة في تدريس الدبلومة الأمريكية على المناهج المطبقة في إحدى المدرستين الأمريكيتين المذكورتين، وأن تمنح المدارس القائمة على مدة عام دراسي لتوفيق أوضاعها وتدريس أحد المنهجين؛ ولكن هذا المقترح لم يلق قبولًا لدى جهات الاعتماد بسبب المبالغ المالية الطائلة التي تحصلها تلك الجهات من المدارس والطلاب سنويًا، وبسبب وجود شراكات لبعض أصحاب المدارس داخل بعض جهات الاعتماد دخلت الوزارة في مواجهات عنيفة مع هؤلاء، وانتهى الأمر برحيل الدكتور الهلالي.

وعندما تولى الدكتور طارق شوقي المسئولية خلفًا للدكتور الهلالي، عادت أزمة الدبلومة من جديد، وأعلنت الوزارة أنها تعيد دراسة الأمر، وبعد أكثر من عام من الدراسة، والرحلة التي قام بها بعض المسئولين في عهد "شوقي" إلى الولايات المتحدة، وهي الرحلة التي أنفقت عليها إحدى الشركات الخاصة، انتهت الوزارة إلى العودة لجهات الاعتماد وحددت 4 جهات للاعتماد، وطالبت المدارس الدولية التي تدرس الدبلومة الأمريكية ألا تتعامل مع أي جهة بعيدًا عن تلك الجهات، وبالفعل تم توقيع البروتوكول بين التربية والتعليم وإحدى تلك الجهات، وهو البروتوكول الذي يحتاج إلى توقيع التعليم العالي ليصبح ساريًا.
الجريدة الرسمية