رئيس التحرير
عصام كامل

أهم مشروع قومي.. والعنصر البشري لا يقل أهمية!


من حق المواطنين جميعًا فقراء وأغنياء، أن توفر لهم الحكومة-أي حكومة- العلاج المناسب في الوقت الذي يحتاجون إليه، دون أي متاعب أو عراقيل أو خلل هنا أو هناك.


ومن هنا جاء قرار بل قل الإرادة السياسية للرئيس السيسي، بانطلاق تنفيذ مشروع التأمين الصحي الشامل، الذي بدأ تطبيقه بالفعل في بورسعيد ومنطقة القناة، ليتدرج تعميمه على جميع مناطق الجمهورية خلال الـ15 عاما المقبلة، وهي مدة يراها البعض طويلة نسبيًا، وإن كانت الدول التي طبقت مثل هذا النظام قد استغرقت الفترة نفسها تقريبًا.

لكن يحدونا أملا عريضا أن يتم اختصار المدى الزمني لأقل من ذلك لأهم مشروع قومي في نظري، وأن تتضافر الجهود لتوفير التمويل اللازم للمشروع الذي يلزمه قطعا مليارات كثيرة، وهنا نحتاج إلى طرق غير تقليدية، وأن تزداد مساهمات المجتمع المدني ورجال الأعمال بصورة أكثر فعالية، حتى تمتد مظلة التأمين الصحي لتغطي جميع المصريين بلا استثناء، كلٍ حسب حالته واحتياجاته، بعد أن صارت حاجتنا ماسة جدًا لمثل هذا النظام الصحي الشامل.

توفير تأمين صحي شامل وناجح، لا يقتصر فقط على إقامة منشآت ولا شراء أدوات ومستلزمات طبية، بل إن حجر الزاوية في نجاح هذا المشروع الضخم هو العنصر البشري المؤهل والمدرب على أداء الخدمة الطبية بالصورة المطلوبة، وفقًا للمعايير المتعارف عليها دوليًا في هذا المجال الحيوي المتجدد، الأمر الذي يتطلب تطوير التعليم الجامعي وما بعد الجامعي الذي يتخرج فيه جميع العاملين بالقطاع الصحي.

ولا يغيب عنا، ونحن نضع اللمسات الأخيرة لهذا النظام، النقص الحاد الذي يعتري قطاعنا الطبي في التمريض والأطباء في تخصصات بعينها، جراء الهجرة للخارج في العقود الثلاثة الأخيرة، ناهيك عن الأسعار الفلكية للأدوية المستوردة والمستلزمات الطبية بعد قرار تعويم الجنيه أمام العملات الأجنبية، ونقص الموارد والمخصصات المالية للقطاع الصحي خلال الـ30 سنة الأخيرة، وما تبعه من تهالك البنية الأساسية للقطاع بكامله حتى بات ثلثا المستشفيات المصرية غير قادرة على توفير السلامة للمرضى.

وظهور البديل الموازي ممثلًا في القطاع الخاص والخيري، كما اضطر معظم أعضاء الفريق الطبي الحكومي للهجرة، بحثًا عن عمل برواتب أفضل في دول عربية وأجنبية جراء تدني أجورهم في مصر، وهو ما آن الأوان لتداركه، والبحث عن حلول مناسبة لاسترجاع الطيور المهاجرة والكفاءات الوطنية من الخارج.

وإلى أن يتم استكمال مشروع التأمين الصحي الشامل فلا بد من حل مشكلة توفير الأدوية، التي كانت صناعة حكومية بامتياز يجري تصديرها للخارج لتدر على الدولة العملات الصعبة، التي تشتد حاجتنا إليها اليوم أكثر من أي وقت مضى، ليس فقط لزيادة الاحتياط الأجنبي بل للتخفيف عن كاهل الأسر المصرية، التي لا تستطيع ميزانية أكثرها الوفاء بمتطلباتها من الدواء لا سيما المستورد.
الجريدة الرسمية