5 أسباب وراء انتشار عدوى احتجاجات «السترات الصفراء».. صعود التيار اليميني وراء إرباك أوروبا.. الفجوة الاجتماعية بين الطبقات كلمة السر في التظاهرات.. وتراجع دور الأحزاب السياسية ضمن القائمة
هل الثورات قابلة للعدوى، ما الذي يجعل الدنيا تقوم وتقعد في آن واحد، وبتوقيت واحد وآليات شبه متطابقة، ربما لذلك كان الحديث عن المؤامرة حاضرًا في كل الأوقات، وربما أبرز الأمثلة على ذلك كان ثورات عام 2011 التي بدأت في تونس، وسرعان ما انتقلت إلى مصر وسوريا وليبيا واليمن.
الأمر ذاته يتكرر، ولكن تلك المرة من أرض القارة العجوز، تحديدًا فرنسا التي ظهرت فيها احتجاجات لبس أصحابها «سترات صفراء» احتجاجًا على قرارات الرئيس بفرض ضرائب وزيادة سعر الوقود، ثم تطورت للمطالبة برحيل «ماكرون».
البريكست
انتقلت تظاهرات السترات الصفراء لبريطانيا، حيث دشن متظاهرو حركة السترات احتجاجات ضخمة في العاصمة «لندن»، للمطالبة بخطة حقيقية لخروج المملكة من الاتحاد الأوروبي «البريكست».
ووجه المحتجون دعوات لأصدقائهم وأسرهم بالانضمام إليهم للتظاهر في ساحة البرلمان للاحتجاج ضد الحكومة، من خلال دعوات عبر موقع التواصل الاجتماعي، للتنديد بالعراقيل التي تواجه اتفاق «بريكست» حتى الآن.
وتجمع ما يقرب من 60 متظاهرًا خارج مبنى البرلمان، قبل قيامهم بمنع السيارات من المرور على جسر لندن، متجهين إلى «10 داوننج ستريت» مقر إقامة الحكومة.
اقرأ: «من وسيلة نجاة إلى رمز ثوري».. أبرز مصنعي السترات الصفراء في أوروبا
تظاهرات تل أبيب
ومنذ يومين انتقلت احتجاجات «السترات الصفراء» لتل أبيب، حيث نظم مئات الإسرائيلين تظاهرات بتل أبيب ضد غلاء الأسعار مرتدين السترات الصفراء على غرار متظاهري باريس.
ونشرت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية صورا للاحتجاجات التي اندلعت ظهر الجمعة، بالقرب من المبنى الحكومي ضد ارتفاع تكاليف المعيشة، والتي شارك فيها ما يزيد عن 600 متظاهر.
ولفت التقرير العبري إلى أن قوات الأمن الإسرائيلية اعتقلت 10 محتجين بعد الاشتباك مع الشرطة، حيث ردد المتظاهرون احتجاجات ضد حكومة نتنياهو قائلين: "لن نستسلم حتى الآن"، مطالبين بضرورة ضبط الأسعار.
الجزائر وتونس والعراق
كما انتقلت العدوى تدريجيا إلى البلدان العربية، إذ شهدت الجزائر وتونس والعراق خلال الأيام الأخيرة عدة مظاهرات، دعى إلى العديد منها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وارتدى خلالها المشاركون سترات صفراء، آملين أن تتحقق مطالبهم مثلما حدث بفرنسا.
تابع: أردوغان يحذر من انتقال تجربة «السترات الصفراء» لتركيا
الضرائب والضغوط
سؤال لماذا انتشرت تلك الاحتجاجات؟ يجيب عليه إكرام بدر الدين، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن انتقال التظاهرات من دولة إلى أخرى، يرجع لعدة أسباب أولها الضغوط على المواطن، وعدم مراعاة المستويات الاجتماعية، ففي الآونة الأخيرة بدأت بعض دول أوروبا في فرض ضرائب على المواطنين، وهو ما لم يتحمله المواطن في الفترة الحالية، بما دفعهم للتظاهر.
التيارات اليمينية
وأضاف في تصريحات خاصة لـ«فيتو» أن العامل الثاني لانتقال الاحتجاجات تزايد التيارات اليمينية المعارضة للحكومة بالدول الأوروبية، والتي لها تأثير هائل على المواطنين، وبالتالي عدوى التظاهر والاحتجاج ستنتقل من دولة لأخرى.
أثر التقليد والمحاكاة
أما العامل الثالث لانتشار التظاهرات في الدول الأوروبية يعود إلى أثر المحاكاة والتقليد، فبعض الدول الأوروبية خاصة فرنسا اقتدت بثورات الربيع العربي، وتغيير مصير بعض الدول من الناحية السياسية والاقتصادية، وهو الأمر الذي دعاهم لمحاكاة الاحتجاجات.
المؤسسات الحزبية
وتابعت أن العامل الرابع لانتقال الاحتجاجات في أي دولة في العالم، ضعف نسبة التنظيمات والمؤسسات الحزبية، إذ أوضح« بدر الدين» أن جانب كبير مما يحدث يعود لضعف تمثيل الأحزاب السياسية التي كانت تمثل همزة الوصل بين المواطنين والحكومة، وبالتالي قام الشعب بتعويض ضعف وتراجع تلك الأحزاب من خلال الاحتجاجات والمظاهرات.
مشاهدة النجاح
في نفس السياق، يوضح سعيد صادق أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأمريكية، أن أحد أبرز أسباب الانتشار هو نجاح بعض التظاهرات، فمثلًا حين نجحت ثورة تونس انتقلت إلى مصر، ونفس الحال مع السترات الصفراء، فالشعوب جميعها تعاني وإن كانت بدرجات مختلفة، ويبحث الإنسان دومًا عن وسيلة للنجاح.