وزيرة التخطيط: مصر شهدت اتجاها متزايدا بمعدلات الإنجاب منذ 2005
شاركت اليوم الأربعاء، الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري في مؤتمر "المشكلة السكانية في مصر.. الأبعاد الثقافية والاقتصادية والإستراتيجية" الذي نظمه مركز البحوث والدراسات السياسية وحوار الثقافات بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة، بهدف إدارة حوار يشارك فيه المسئولون والمتخصصون، من خلفيات مختلفة بحيث تتم مقاربة الأبعاد المختلفة للمشكلة السكانية في مصر.
وقالت الدكتورة هالة السعيد إن القضية السكانية تعد قضية محورية في التوجه التنموي للدولة المصرية، وتحظى باهتمام الدولة بكافة مستوياتها بدءًا من القيادة السياسية باعتبارها قضية أمن قومي، مشيرة إلى أن هذا التوجه يرتكز في الأساس على مراعاة تحقيق التوازن بين الزيادة السكانية والموارد المتاحة، والحرص على تعظيم الاستفادة من الثروة البشرية الحالية التي يتمتع بها المجتمع المصري، وفي الوقت ذاته ضبط معدلات نمو السكان لتجنب التأثير السلبي لهذه المعدلات المتزايدة على نصيب الفرد من عوائد التنمية.
وأضافت أن مشكلة ارتفاع معدلات الزيادة السكانية شكلت إحدى أهم التحديات التي سعت الدولة لمواجهتها في إطار جهودها لتحقيق التنمية المستدامة من خلال رؤية مصر 2030، وما تضمنته من محاور وبرامج تنفيذية في البعد الاجتماعي تتعلق بالسكان والصحة وتمكين المرأة والشباب وتحقيق العدالة الاجتماعية، إلى جانب كل من البعدين الاقتصادي والبيئي، مؤكدة أن الدولة تواصل الاهتمام بقضية الزيادة السكانية وضبط التوازن بين السكان والموارد من خلال خطط وبرامج العمل المرحلية، وبرنامج عمل الحكومة 2018-2022.
وفيما يتعلق بمؤشرات زيادة معدلات النمو السكاني وما تمثله من تحد للدولة المصرية، أشارت وزيرة التخطيط إلى أن مصر شهدت اتجاهًا متزايدًا في معدلات الإنجاب منذ عام 2005 (بعد فترة من الثبات من عام 1995 إلى 2005)، لتكسر معدلات الإنجاب حاجز الــ 2 مليون مولود عام 2008 ثم حاجز الــ 2.5 مليون عام 2012، وليستقر عند 2.7 مليون مولود، موضحة أن حجم السكان في مصر يتزايد بحجم دولة تعدادها 2.5 مليون نسمة سنويًا.
وأوضحت أن هذا المعدل المتفاقم للزيادة السكانية في مصر، يمثل أحد أهم التحديات التنموية التي تواجهها مصر خلال هذه المرحلة، فيزيد ذلك من الضغوط الاقتصادية والاجتماعية، ويؤدي إلى تراجع نصيب الفرد من العائد من جهود التنمية وثمار النمو الاقتصادي الذي استطاعت الدولة تحقيقه خلال السنوات الأخيرة، والذي وبلغ 5.3% في عام 17/ 2018 والربع الأول من عام 18/ 2019، هذا بالإضافة إلى صعوبة مواجهة بعض المشكلات مثل؛ البطالة وتحقيق الأمن الغذائي ومواجهة التفاوت في المؤشرات التنموية بين الأقاليم والمحافظات المختلفة، مشيرة إلى سعي الدولة إلى استمرار الاتجاه التصاعدي لمعدل النمو الاقتصادي واستدامته ليبلغ 8% في عام 21/2022.
وتناولت الدكتورة هالة السعيد خلال كلمتها الحديث حول الإستراتيجية القومية للسكان 2015-2030 التي تقوم على عدة مبادئ رئيسية تتمثل في النظر إلى السكان باعتبارهم أحد أهم عناصر القوة الشاملة للدولة، على ألا تتعدى الزيادة السكانية قدرة الدولة على توفير الخدمات الأساسية بالجودة المناسبة، وألا تؤثر الزيادة السكانية على متوسط نصيب الفرد من الموارد الطبيعية، بالإضافة إلى تناسب معدلات الزيادة السكانية مع قدرة الاقتصاد الوطني على تحقيق مستوى مرتفع من التنمية البشرية وخفض معدلات البطالة، فضلا عن حق الأسرة في تحديد عدد أبنائها مع تأمين حقها في الحصول على المعلومات وفي الحصول على وسائل تنظيم الأسرة والصحة الإنجابية، كذلك مسئولية الدولة عن توعية أفراد المجتمع بأخطار معدلات الانجاب المرتفعة، والتزامها بإدماج المكون السكاني في خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية، مع تحفيز مشاركة كل من المجتمع المدني والقطاع الخاص مع الحكومة لمواجهة المشكلة السكانية، وتطبيق اللامركزية في إدارة البرنامج السكاني بما يزيد من فاعلية وكفاءة المشروعات وضمان مراعاتها للخصوصية الثقافية للمجتمع المحلي.
وقالت الوزيرة إن الإستراتيجية القومية للسكان حددت عددًا من الأهداف الرئيسية والفرعية تسعى لتحقيقها، تمثلت في الارتقاء بنوعية حياة المواطن المصري من خلال خفض معدلات الزيادة السكانية لإحداث التوازن المفقود بين معدلات النمو الاقتصادي ومعدلات النمو السكاني، مع استعادة ريادة مصر الإقليمية من خلال تحسين خصائص المواطن المصري المعرفية والسلوكية، ويرتبط بذلك الأهداف المرتبطة بزيادة معدلات تشغيل الإناث ومشاركتها في سوق العمل خاصة من خلال تشجيع المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وخفض معدلات الأمية بين الإناث وما يرتبط به من مشكلات اجتماعية (الزواج المبكر وزيادة معدلات الإنجاب)، بالإضافة إلى التغلب على ظاهرة تشغيل الأطفال، هذا بالإضافة إلى إعادة رسم الخريطة السكانية في مصر من خلال إعادة توزيع السكان، وتحقيق العدالة والسلام الاجتماعي من خلال التباينات في المؤشرات التنموية بين المناطق الجغرافية.
وحول خارطة الطريق التي تضمن تحقيق تلك الأهداف أوضحت الوزيرة أنها تتضمن إطلاق حوار مجتمعي لتحقيق المساندة الشعبية لتبني السياسة القومية للسكان، رسم سياسة للإعلام السكاني تلتزم بها المؤسسات الإعلامية الحكومية وغير الحكومية، ومراجعة الإطار المؤسسي للبرنامج السكاني المصري ووضع آلية محكمة للمتابعة والتقييم، مع تفعيل دور المؤسسات الحكومية غير الحكومية لمواجهة مشكلة السكان، ورصد الموارد اللازمة للتعامل الفعال مع البرامج والأنشطة السكانية، في ضوء الوفر الذي يتحقق في الخدمات نتيجة لخفض معدلات الإنجاب، وإعداد المستهدفات الكمية للمتغيرات السكانية حتى عام 2030 مع وضع مستهدفات متوسطة وقصيرة الأجل يتم متابعتها بصفة دورية، ووضع تقديرات النمو السكاني وأعداد المواليد في الاعتبار عند التخطيط للمرافق والخدمات.
ولفتت الدكتورة هالة السعيد إلى أنه تم تحديد عدد من الأنشطة والخدمات الرئيسية المطلوب تنفيذها على أكثر من محور أهمها محور تنظيم الأسرة والصحة الإنجابية: بتوفير رصيد كاف من وسائل تنظيم الأسرة خاصة الوسائل الفعالة منها، وتوسيع نطاق إتاحة خدمات تنظيم الأسرة والصحة الإنجابية، ومحور صحة الشباب والمراهقين، وتعزيز مشاركة الشباب في الإدارة وفي تحديد وتطوير البرامج التي تتعلق بهم، ومحور التعليم ويشمل الاستيعاب الشامل للأطفال في مراحل التعليم، والقضاء على التسرب من التعليم، وتوعية الطلاب بأبعاد القضية السكانية في مصر، وكذلك محور الإعلام والتواصل الاجتماعي: من خلال تطوير الرسائل الإعلامية عن القضية السكانية والتحفيز على تنظيم الأسرة، ومحور تمكين المرأة والذي يمثل توجه شامل لكافة المجالات الاقتصادية والاجتماعية تتبناه الدولة بمختلف أجهزتها وبدعم كامل من القيادة السياسية.
وأكدت الوزيرة أن إستراتيجية ضبط معدلات الزيادة السكانية تركز على العمل وفقًا لمساريين رئيسيين أولهما تعظيم الاستفادة من القوى البشرية القائمة والمتزايدة، من خلال التوسع في الاستثمار في البشر، وتنفيذ برامج التدريب وبناء القدرات للشباب، وللكوادر الإدارية في مختلف المستويات الوظيفية في الجهاز الإداري للدولة من خلال الخطة الشاملة للإصلاح الإداري، مع وضع خطة لبناء الإنسان المصري.
وتابعت: المسار الثانى هو العمل على تخفيض الزيادة السكانية لتخفيف الضغط على الموارد من خلال العديد من الآليات والبرامج التي يتعاون في تنفيذها مختلف الجهات، مشيرة إلى مشاركتها في افتتاح تطوير المرحلة الأولى من عيادات تنظيم الأسرة (33 عيادة) بالجمعيات الأهلية بمشروع الحد من الزيادة السكانية بين الأسر المستفيدة من برنامج تكافل، وهو المشروع الذي يوفر حزمة متنوعة لوسائل تنظيم الأسرة ورفع الوعي وتصحيح المفاهيم المجتمعية المغلوطة المرتبطة بتنظيم الاسرة سواء من منظور صحي أو منظور ديني، ويستهدف المشروع 1،1 مليون سيدة من المستفيدات من برنامج "تكافل"، وذلك بالقيام بـ 342 ألف زيارة "طرق أبواب"، لعمل التوعية المباشرة، بإجمالي 4 ملايين زيارة، تشارك فيها 100 جمعية أهلية، و2500 متطوع ورائدة ريفية وأكثر من 140 طبيبا وممرضة خلال سنوات البرنامج الأربعة.