أنا والكتابة!
لأنني أحببتها وهويتها منذ الصغر، فإن الكتابة بالنسبة لي هي الحياة، ليست فقط أحد مظاهر الاستمرار في الحياة أو حتى المظهر الرئيسي لها، إنما هي إحدى وسائل الاستمتاع بالحياة، لذلك لم أتوقف عن الكتابة حتى في أحلك وأصعب الظروف، وفاة الأحبة، وعكة مرضية، بل إنني أرى الكتابة نوعا من العلاج للمرض والحزن، وسلاحا للتغلب على هذه الظروف الصعبة، ولتحمل أوقات الشدة..
عندما وقعت رفيقة العمر فريسة للمرض الشديد، لم أتوقف عن الكتابة، رغم أنني كنت أزورها في المستشفى ثلاث مرات في اليوم، فقد كان الاستمرار في الكتابة إحدى وصاياها لي، وهذا ما جعلني أستأنف الكتابة سريعا بعد أن فقدتها، فالحروف والكلمات والجمل هي بمثابة الرفيق والراعي لي..
أما عندما تعرضت لأزمة صحية فإنني لم أحتاج سوى سويعات قليلة حتى أستعيد قدرتي على الكتابة مجددا، حتى في ظل تداعيات هذه الأزمة الصحية قمت بمراجعة أحدث كتاب لي، تحت الطبع الآن، وتتأهب دار الهلال لطرحه في الأسواق مع معرض الكتاب، ويتناول المرحلة الانتقالية الثانية التي عاشتها البلاد بعد الثلاثين من يونيو، ويحمل عنوان: (٣٣٥ يوم من حكم المستشار)، فإن التوقف عن الكتابة بالنسبة لي هو الموت ذاته!
ولذلك فإنني لا أشارك من يشعرون أحيانا أنه لا جدوى من الاستمرار في الكتابة، لأنهم يكتبون ولا سميع أو مجيب، ويرون أن التوقف عن الكتابة يساوي الاستمرار فيها.. فأنا أرى أن الكتابة دوما لها تأثير، حتى ولو كان هذا التأثير غير عاجل أو ملموس..
تأثير الكتابة تراكمي وليس حاليا، إنما يحتاج إلى وقت، أحيانا قد يطول، والتوقف عن الكتابة يسهم في إطالة هذا الوقت، وربما يبدد تأثيرها المأمول، المهم أن نكتب ما نحن مقتنعون ومؤمنون به ومتأكدون بصحته وصدقه..
نكتب ما نراه يحقق مصلحة الوطن والأغلبية الساحقة من أبنائه وهم الفقراء وأصحاب الدخول المحدودة والمتوسطة الذين يتطلعون أن تكون مصر دولة ديمقراطية عصرية، تقوم على مبدأ المواطنة والمساواة، وتكون عادلة، وتتمتع بالحكم الرشيد، وتحظى باقتصاد قوي، وتكون قادرة على مواجهة من يتربصون بها ويتآمرون عليها ويبغون تقويض كيانها وتشويه هويتها الوطنية.. وهذا ما عاهدت نفسي عليه وأرجو من الله أن يعينني عليه.