الخطيب.. والخصم من الرصيد
قضية الإصلاح في النادي الأهلي ليست قضية كروية بل تتعدى ذلك بكثير، خاصة أننا أمام حالة لا يمكن فصلها عن كل مجريات الحياة في البلاد؛ فالأهلي كما يلقبونه صانع السعادة وصاحب الإنجازات الكبيرة، وكانت إدارته دائمًا هي النموذج الذي يحتذى في الانضباط والاعتماد على استراتيجيات طويلة المدى، إذ ظل النادي واحةً للاستقرار والهدوء مهما أحاطت به حالات من الصخب الجماهيري أو حتى السياسي.
وحتى نكون منصفين فإن حالة الضعف والوهن التي يمر بها نادي القرن ليست وليدة الفترة التي تبوأ فيها الكابتن محمود الخطيب مقاليد الأمور، فالأزمة أقدم من ذلك بفترة غير وجيزة، غير أن تغير النمط الإداري وتحوله من حالة الاستقرار والهدوء في مواجهة الأزمات، وتحوله إلى إدارة انفعالية حادة قادتها ظروف خروج الأهلي من بطولتين هو الأمر المستغرب والأكثر إثارة فيما يحدث داخل القلعة الحمراء.
أتصور أن محمود الخطيب معشوق الجماهير بدأ مرحلة الخصم من الرصيد، وبات واضحًا أن الرجل ظل صاحب قدرات خارقة بدءا من خانة اللاعب الموهوب مرورا بمرحلة الإداري الملتزم وصولا إلى الرجل الثاني، أما مرحلة الرجل الأول فهي بلا شك تنذر بأن تصبح مرحلة الخصم من الرصيد، وهي مرحلة ستكون فاصلة في حياة الرجل إن لم يستوعب كارثية التحول من الإدارة العلمية المنضبطة إلى الإدارة العصبية المرتبطة بحالة انفعال لم تكن سوى سحابات صيف في التاريخ الإداري للأهلي.
وأظن أن رصيد الخطيب من الحب الجماهيري الجارف يفرض عليه تدارس الأمر بجدية، ولم الشمل واللجوء إلى كل ما من شأنه أن يكون داعمًا لمسيرة نادٍ وضع نفسه عبر سنوات طويلة وسط الكبار عالميًّا، ليعود إلى مخزونه القيمي والإداري وقافلة رجاله الذين ينتظرون على الخط المشاركة في خطة إنقاذ حقيقية تعتمد على تضافر الجهود وتعاونها والاستفادة من عناصر جنحت وأخرى هربت وثالثة ربما عزلت أو انعزلت.
ومما لا شك فيه أن اللافتة التي وضعتها جماهير الأهلي في أثناء مباراته مع فريق الوصل الإماراتي تحت شعار الأهلي أكبر من الرؤية المنغلقة وأكبر من الزعامات وأكبر من الشخصنة إما اختزلت الفكر الإداري للنادي عبر قرن من الزمان، ووضعت تصورًا للإدارة يمكن من خلالها التفكير مليًّا في جمع الفرقاء واللجوء إلى الحلول العلمية التي كان الأهلي رائدًا فيها طوال مسيرته المحلية والدولية.
إنني على يقين أن القلعة الحمراء لديها من الرجال والأفكار ما يمكن أن يخرج بالنادي من أزمته إلى آفاق أكثر رحابة.. آفاق تليق بنادي القرن.