رئيس التحرير
عصام كامل

«فلسطين ليست في القلب».. 2018 عام التطبيع وصفقة القرن

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

رغم كراهية الشعوب العربية لإسرائيل والتي لا يختلف عليها اثنان حتى تل أبيب نفسها، إلا أن عام 2018 يمكن وصفه بجدارة بأنه عام التطبيع، فقد شهدت خلاله المنطقة العربية عددا من المواقف والأحداث غلب عليها التطبيع رغم قتامة المشهد بين فلسطين والاحتلال الذي صاحبه عدد من الأحداث التي لا تنسى للعام الجاري.


صفقة القرن
ولعل أبرز الأحداث التي شهدتها فلسطين في 2018 كان الحديث عما تسمى "صفقة القرن" رغم أن ملامحها لم تتضح بعد إلا أنها شغلت العالم خلال العام الجاري، وهى الصفقة التي تحمل في ظاهرها حلا للقضية الفلسطينية وباطنها يهدف لقتلها بلا رجعة، ورغم أن المعلومات عن الصفقة غير كاملة، إلا أن ما تناقلته وسائل الإعلام العبرية أكدت أنها صفقة تجني إسرائيل من خلالها مكاسب ضخمة.

أبرز المكاسب أن الأراضي التي ستحتفظ إسرائيل بها في الضفة نحو ١٢% وهى نسبة أكبر بكثير من المساحة التي يمكن أن تحصل عليها في الحل العادي، والـ١٢% هي المساحة التي وصفها إيهود باراك عندما سافر لمؤتمر كامب ديفيد ٢٠٠٠، بالمساحة الحيوية للحفاظ على المصالح الإسرائيلية وهذا لا يصب في صالح القضية الفلسطينية على الإطلاق.
 وبحسب الإعلام الإسرائيلي، فإن خطة صفقة القرن شبه جاهزة، ودخلت مراحلها النهائية، وقد يتم الإعلان عنها قريبًا، مشيرة إلى أن صفقة القرن، أشرف على إعدادها طاقم أمريكي، على رأسهم جيسون جرانبلات، ودافيد فريدمان، وجيرارد كوشنير.

نقل السفارة
الحديث عن صفقة القرن، كان نتاج خطوات أمريكية إسرائيلية سابقة نالت من القضية الفلسطينية، من أبرزها قرار نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، وهى الخطوة التي صاحبتها تصرفات استفزازية من جانب الاحتلال، وذلك بعد إعلان شرطة الاحتلال منع رفع الأذان في مساجد القدس، بالتزامن مع احتفالات نقل السفارة الأمريكية من "تل أبيب" إلى القدس المحتلة التي وافقت يوم الإثنين 14 مايو 2018، منعًا لوصول نداءات المؤذنين لأسماع المشاركين في الاحتفال البالغ عددهم 800 شخص، فضلًا عن تجاهل دولة الاحتلال للفلسطينيين ومشاعر أهالي القدس، ووضع سلطات الاحتلال لافتات السفارة الأمريكية في شوارع القدس، وكذلك إصدار عملة تذكارية في يوم نقل السفارة الأمريكية للقدس، تحمل وجه الرئيس الأمريكي، وختم حكومة الولايات المتحدة أيضًا، وآيات من الكتاب المقدس مكتوبة باللغة العبرية، وذلك بوصفه رسالة شكر لترامب، وفي موقف مستفز آخر قررت بلدية الاحتلال في القدس تسمية الميدان المجاور لموقع نقل السفارة الأمريكية بالقدس باسم الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، تكريمًا لدوره في دعم الاحتلال.

جرائم بحق الأقصى
العديد من الجرائم ارتكبها الاحتلال بحق المسجد الأقصى خلال هذا العام، من بينها المصادقة على قانون بناء المستوطنات جنوب المسجد الأقصى،  إلى جانب الاقتحامات التي تكررت بشكل مبالغ فيه خلال هذا العام لساحة المسجد وسط حراسة شرطة الاحتلال وبرفقة وزراء وحاخامات متطرفين.


تظاهرات العودة
من الجهة الأخرى لم يصمت الفلسطينيون جراء الانتهاكات الصهيونية التي شملت كل مناحي الحياة، وواصلوا المقاومة ببسالة، متبعين الأساليب البطولية التي ترهب العدو الصهيوني، عبر تظاهرات العودة التي انطلقت منذ مارس الماضي، وأثبتت أن عتاد الاحتلال والتكنولوجيا التي يتباهى بها غير قادر على مقاومة الوسائل البدائية الفلسطينية، إذ شرع الفلسطينيون يواجهون السلاح الصهيوني بأساليب مبتكرة جديدة والتي رغم بساطة تكلفتها إلا أنها اعتبرت في نظر الإسرائيليين بمثابة أسلحة فتاكة هددت الاحتلال لما سببته من خسائر هائلة ضد العدو الصهيوني، وأبرزها الطائرات الورقية التي كانت بمثابة سلاح فتاك أمام الرصاص الإسرائيلي.

ابتكر الفلسطينيون سلاحا جديدا احتار الجنود الإسرائيليون في كيفية التعامل معه والحد من خطورته، ويتمثل في "الواقي الذكري" الذي تقدمه مؤسسات دولية لسكان القطاع بهدف تحديد النسل، لكنه تحول في أيدي الشباب الفلسطيني إلى وسيلة تقض مضاجع الإسرائيليين، ويكون ذلك عن طريق تحويل الواقي الذكري إلى بالونات حارقة ويطلقونها على المستوطنات الإسرائيلية بحيث تنتفخ وتطير وتخترق فتحرق الأراضي الزراعية خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة.
 ومن بين الأساليب الجديدة المتطورة التي أرعب بها الفلسطينيون الكيان الصهيوني وضج به أركانه هذا العام، كان سلاح الكاوتشوك، كما لجأوا إلى "اختراع جديد"، بوضع فحمٍ في قطعة من الخيش، ويلفونها جيدًا قبل أن يسكبوا عليها قليلًا من الديزل وزيت محركات سيارات، ثم يشعلون النار في الشعلة البدائية، ويربطونها إلى ذيل طائرة ورقية، قبل أن يطلقوها في الهواء قرب السياج الحدودي الفاصل مع دولة الاحتلال.

عدوان على غزة
العام الحالي أراد ألا يتنهى إلا مع جولة تصعيد بين القطاع والاحتلال لم تحدث منذ حرب عام 2014، والتي وقعت على إثر عملية خان يونس التي نفذها الاحتلال وأحبطتها المقاومة، وذلك من خلال تسلل قوة عسكرية خاصة مستخدمة مركبة مدنية في المناطق الشرقية من خان يونس، حيث اكتشفتها قوة أمنية تابعة لكتائب القسام، وقامت بتثبيت المركبة والتحقق منها، وفي ضوء الفشل الصهيوني في هذه العملية جرت جولة تصعيد استمرت لفترة قصيرة تضمنت إطلاق صواريخ من الجانبين، وبعدها تم وقف إطلاق النار الذي بدروه تسبب في استقالة وزير الحرب الصهيوني السابق، أفيجدور ليبرمان، والذي اعتبر انتصارًا ساحقًا سُجل لصالح المقاومة الفلسطينية.

التطبيع
التطبيع الذي تهدف له دولة الاحتلال الإسرائيلى، لم يتوقف عند حد الزيارات إلى التصريحات السياسية، وشمل أيضا المجال الرياضي غير المسبوق والعلني بين إسرائيل ودول خليجية، ورغم أن ذلك كان يحدث في الماضي على استحياء إلا أن هذا العام أخذ التطبيع صورًا أخرى والتي من بينها عزف النشيد الوطني الإسرائيلي "هتكفا" على الأراضي الخليجية وكذلك رفع العلم الإسرائيلي بشكل علني.

وكشفت دراسة إسرائيلية أن الاحتلال لديه فرصة تاريخية لتطبيع علاقاته مع الدول العربية المعتدلة، في ظل ما تشهده الآونة الأخيرة.
 وقالت الدراسة التي نشرها معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي إنه بعد عقود من نشأة إسرائيل، ونشوب عدد من الحروب العربية الإسرائيلية، بدأت تصل بعض الدول العربية لقناعات جديدة أهمها أن إسرائيل ليست جملة اعتراضية في هذه المنطقة.
الجريدة الرسمية