رئيس التحرير
عصام كامل

تجديد الخطاب الديني.. سؤال وجواب (2)


نستكمل الحوار الهادئ حول تجديد الخطاب الديني وقد بدأناه أمس.. وننصح القراء الأعزاء قبل قراءة السطور التالية بقراءة مقال الأمس.

- لكن البخاري أدق كتاب بعد كتاب الله وقد جمع هذه الأحاديث؟

* البخاري عالم جليل بذل جهدا خرافيا وأسطوريا لجمع الحديث.. وهو مأجور على ذلك.. لكن لنا أكثر من ملاحظة.. أولها من صاحب مقولة أنه أدق كتاب بعد القرآن؟ هل هي آية قرآنية؟ أم حديث شريف؟ أم مقولة بشرية؟

- لا.. مقولة بشرية؟
* طالما بشرية، إذن يحق مناقشتها.. ولا يصح تقديسها ولا تقديسه.. والبخاري نفسه لو سمع ذلك لرفضه.. ولو عرف أن البعض يقسم باسمه في الريف والصعيد لغضب بشدة.. الأمر الثاني أن كلامك عن جمع البخاري للحديث يعني أنه ظل بلا جمع لما يقرب من قرنين.. لذلك نحتاج إلى تدقيق بالغ وهذا منطقي مع نصوص تم جمعها بعد قرنين وتتعلق بعقائد الناس. 

ولهذا ظهرت علوم الحديث ويعرفها أهل التخصص.. ورغم ذلك ومع كل ذلك ظهر الشيخ الألباني يصحح الحديث أيضا وأضاف الشيخ الغزالي حديثا ضرورة النظر لمتن الحديث -أي نصه وموضوعه- بجانب النظر إلى سلسلة الرواة وقال (السلف اهتموا بالأسانيد وحبسوا نشاطهم في وزن رجالها ولم يهتموا بالمتون أو يصرفوا جهدا مذكورا في تمحيصها)، بل قال ما هو أكثر حيث قال (عندما يترك فقيه حديثا من أحاديث الآحاد فهو لا يتهم بترك السنة وغاية ما يوصف به أنه شديد التحري في الإثبات)، على عكس الاتهامات المنتشرة اليوم. 

وطالب الغزالي برفض أي حديث يتعارض مع القرآن.. فما الذي يغضب البعض من رفض أي حديث يتعارض مع القرآن؟ هل يعقل أن يقول الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام ما يتعارض مع القرآن؟!

- مستحيل طبعا لكن السنة مكملة للقرآن!
* وهل القرآن غير مكتمل؟

- إيه؟ لا.. لا أقصد ذلك طبعا حاشا لله.
* هذه جملة منتشرة والأفضل أن نقول أن السنة شارحة ومبينة ولا نقل مكملة.. فالله سبحانه وتعالي قال "اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا".. وقال سبحانه "ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء".. ولم تتوقف الآية إنما قال: "وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين"، فصارت تبيانا وهدى ورحمة وبشرى. 

يقول عبد الله بن مسعود -نكرر عبدالله بن مسعود- في تفسيرها -في تفسير الآية (قد بين لنا في هذا القرآن كل علم وكل شيء) وقال مجاهد إن المقصود هو (كل حلال وحرام)!

والخلاصة القرآن العظيم كتاب الله المتعهد بحفظه، وهو يقيني كله والسنة الشريفة -فعل الرسول وقوله- شارحة ومبينة ومفسرة العملي منها متواتر وكله يقيني وقطعي.. والقولي منها نحتاج إلى تنقيته من الضعيف والمدسوس.. ولا نعتقد أن مسلما واحدا يختلف على ذلك بل نراها هدف ومقصد الجميع.. وللحديث بقية!
الجريدة الرسمية