شرطة ومجتمعية كمان
مطالبة جهاز الأمن الوطني بـ"شرطة مجتمعية" للقبائل كارثة، فالمطلوب طبقا لتقرير جهاز الأمن الوطني الذي نشرته المصري اليوم، ليس التعاون، وهذا بديهي، لكن أن يكون لكل قبيلة شرطة خاصة مسلحة، فلماذا هذا يعتبر كارثة؟
لأن السلاح تحتكره الدولة وحدها، ووحدها هي التي تستخدمه، فهذا أساس من أسس الدولة لا يجب التهاون فيه، لأننا إذا فعلنا، فهذا معناه أننا نضع أسس حرب طائفية أو قبلية، وربما تمتد إلى تقسم للبلد، والحقيقة أن هذه المطالبة تعبير عن فشل ذريع لأجهزة وظيفتها الحفاظ على أمن البلد، فإذا كانت لا تفعل ذلك، وبالطبع هذه الأجهزة هي الداخلية والجيش وتوابعهما. لقد حزنت عندما قال الفريق السيسي وزير الدفاع إنهم لم يتوصلوا إلى من قتلوا جنودنا، وحزنت أكثر عندما قرأت أمس تصريح مدير أمن سيناء بأنهم ينتظرون رد أجهزة سيادية والرئاسة لكي يفرجوا عن الجنود المختطفين.
هذا الفشل الذريع لابد من حساب المسئول عنه، وكشف كل شىء أمام الرأي العام، ولا يجب أن يدفعنا هذا الفشل المخزي إلى أن تكون لدينا شرطة شعبية، أي يحمل السلاح كل من يريد أن يؤمن قبيلته أو عشيرته أو حتى الشارع أو الحارة التي يسكن فيها.
هذا الطرح لا يختلف كثيرا عما كانت تطالب بعض الأحزاب الدينية ورحب به التنظيم السري للإخوان، وظهرت ملامحه في بعض المحافظات مثل السويس وبني سويف وغيرهما، وكما يعرف القارئ الكريم أن هذا يأتي على خلفية أن يحلوا هم تدريجيا محل أجهزة الدولة، وأن يؤسسوا رسميا ما يسمونه جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وربما يعرف القارئ الكريم أن هذه الشرطة المجتمعية وجماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغيرهما، تستند إلى مادة دستورية تمنح "المجتمع" حق حماية نفسه، وهي ضمنيا تعني أن يمارس المواطن بنفسه تطبيق القانون.
ما معنى كل هذا؟
معناه أن قبولنا هذه الدعاوى من قبل جهاز الأمن الوطني أو الإخوان وأنصارهم، هدم للدولة بالكامل، وهذا حلمهم، ولكنه ليس حلمنا.