رئيس التحرير
عصام كامل

عملية مخابراتية!


ذهب "محمد العطار" إلى تركيا بحثا عن عمل وكان في أوائل العشرينيات من عمره.. وتم تجنيده هناك بعد نقله من مدينة إلى أخرى بلغت ثلاثة مدن، في كل منها فريق من الموساد كل منها التقاه واختبره ودربه.


ومن هناك جاء الخيط إلى الأجهزة المصرية من أحد أبناء إحدى الدول العربية الشقيقة، وتحديدا من العراق من خلال ضابط عراقي سابق كان يعمل في دائرة الأمن المختصة، بأحد أشقاء الرئيس صدام، كان قد غادر العراق بعد الاحتلال الأمريكي للعراق، والبلاغ كان مختصرا عن "مواطن مصري يقوم بأعمال مريبة" مع بعض التفاصيل!

تلقفت السفارة المصرية الخيط، ومنها إلى رجال المخابرات المصرية الذي بات الأمر يعنيهم بشكل كامل.. فوضع "محمد العطار" تحت الرقابة التامة دون علم الموساد بالطبع.. وأدى ذلك إلى إبطال تحركات "العطار"، وحتى تسبب ذلك في إحباطه وطلب إعفائه من مهمته!

رفض الموساد الاستسلام وأبلغوه برغبتهم في تغيير نشاطه، وأنهم سيوفرون له فرصة السفر إلى بلد آخر.. وكان البلد الآخر هو كندا.. وأبلغه ضابط الموساد "توم جاي جوماي" وهو إسرائيلي من أصل تركي، تسلم "العطار" من زميله بالموساد يدعى "كمال كوشبا" أن الوظيفة المستترة هي مصرفي بأحد البنوك الكبرى بمدينة تورينتو.

وهناك طلبوا المقابل العاجل بالتجسس على حسابات العرب هناك، وأرقام هواتفهم وعناوينهم وأعمالهم، ثم التعرف عليهم، ومعرفة اتجاهاتهم حتى تم ترتيب لقاء معه على أعلى مستوى للتفاهم حول فكرة اعتزال العمل للموساد!

كان اللقاء المقترح سريا للغاية ومؤمنا إلى أقصى درجة، ولذلك اختار الموساد مكانا لم يخطر على بال أحد.. اختاروا للقاء المعبد اليهودي ب"تورينتو"، وهناك ارتدى زيا يهوديا وبعد الصلاة دخلوا إلى غرفة الحاخام للاجتماع به، وإقناعه بالتراجع عن فكرة ترك الخدمة بالموساد وهو ما انتهى إليه الاجتماع فعلا!

مرت الأيام وجاء "العطار" إلى مصر للزيارة، معتقدا أن لا أحد يعلم عنه شيئا، إلا أنه تم القبض عليه فور وصوله أرض مصر الطاهرة، وواجه رجال المخابرات بما لديهم من اتهامات فأنكرها كلها.. فواجهوه بالمعلومات كاملة وتفصيلية تشمل كل الأماكن التي ذهب إليها، والوظائف التي عمل بها، والأشخاص الذين تعرف عليهم، وأماكن اللقاء بهم ومواعيدها والتقارير التي كتبها (اختصرناها جدا لظروف مساحة المقال) فأنكرها كلها أيضا.

فأخرجوا له صورته وهو داخل المعبد اليهودي ذاته بتورينتو.. فخرس.. وانتهت القصة!
رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه.
الجريدة الرسمية