جريمة أمريكية!
في مؤتمر منظمة تضامن شعوب أفريقيا وآسيا الذي يعقد الآن في الرباط تحت شعار "السلام والتضامن ركيزتان للتنمية المستدامة" قلت في كلمتي:
"إن نهج تقويض كيان الدولة الوطنية ليس نهجا أمريكيا حديثا ظهر مع بداية الألفية الجديدة.. إنما نهج قديم يعود إلى نحو سبعة عقود مضت، أي مع بزوغ الولايات المتحدة كقوى عظمى تتقاسم مع الاتحاد السوفيتي قيادة النظام العالمي، وتحل محل القوى الأوروبية العظمى..
وبدأ ذلك بإعداد خطط أمريكية لفرض حكام وحكومات على العديد من الدول، وهي الخطط التي اتسعت لتستهدف تغيير الأنظمة السياسية في العالم، وبذلك استهدفت أمريكا أحد العناصر الثلاثة الأساسية التي تكون الدولة، وهو عنصر الحكم.
غير أن الولايات المتحدة مع استمرارها في هذا النهج عملت فيما بعد على استهداف العنصرين الآخريين للدولة الوطنية وهما الشعب، والأرض.. فقد استهدفت توجيه الشعوب والسعي إلى فرض نمط الحياة الأمريكية عليها، كما قال بوضوح الكاتب الأمريكي المشهور فريدمان..
ثم خططت أمريكا لتقسيم عدد من الدول وتحويلها إلى دول صغيرة قزمية يسهل السيطرة وفرض الهيمنة الأمريكية عليها.. وكان النموذج المبكر لذلك ما فعلته مع الاتحاد السوفيتي الذي انفرط عقده.. ثم سعت إلى تعميم هذا النموذج على عدد من دول أفريقيا وآسيا، خاصة في منطقتنا العربية، مثل العراق وسوريا وليبيا.
وإذا كانت أمريكا تعاونت مبكرا مع المافيا الإيطالية وهى تتدخل في انتخاباتها البرلمانية لتمكن الحزب الديمقراطي المسيحي عام ١٩٤٨ من الفوز بالانتخابات البرلمانية، فإنها لجأت إلى التعاون مع عدد من الجماعات والتنظيمات الإرهابية لتقويض كيان دول وطنية في منطقتنا العربية.. وهو ما يقتضي منا نحن شعوب أفريقيا وآسيا المحافظة على أقصى قدر من التماسك الوطني لحماية كيان دولنا الوطنية، وبالتالي لإحباط خطط أمريكا لفرض هيمنتها علينا".