السيسي في باليرمو.. لماذا؟!
حتى اتصال رئيس الوزراء الإيطالي تليفونيا بالرئيس المصرى، لم يكن قد تقرر مشاركة مصر على مستوى القمة في مؤتمر باليرمو الذي دعت إليه إيطاليا لتحريك الأزمة الليبية وحلحلة حلها.. فهذا المؤتمر يعقد في ظل خلافات دولية كبيرة حول حل المشكلة الليبية، خاصة بين فرنسا وإيطاليا..
كما أن إيطاليا دعت أطراف متورطة في ممارسة عنف داخل ليبيا لهذا المؤتمر، ومن بينها إخوان ليبيا.. فضلا عن ثمة شكوك تحيط بالموقف الايطالى بخصوص ليبيا والذي يدعم السراج وحكومته ويبغى تمكينها من السيطرة على كامل ليبيا بمساعدة بعض المليشيات المرتبطة بعلاقات قوية مع إخوان ليبيا، وهى المليشيات التي تريد إدماجها في الجيش الليبى بعد الإطاحة بقائده خليفة حفتر.
غير أن مشاركة مصر وبهذا المستوى الرفيع في المؤتمر يمنحها الفرصةَ لأن تعيد تصحيح الوضع في ليبيا ويساعد على عدم فرض حل على الأشقاء في ليبيا لا يرضيهم، ويضمن في ذات الوقت الحفاظ على الأمن القومى المصرى الذي سوف يتضرر كثيرا لو تم تمكين إخوان ليبيا والمليشيات التابعة لها والحليفة معها من السيطرة على كل أراضى ليبيا، وليس غربها فقط كما هو الحال حاليا.
ويساعد على ذلك اقتراب الموقف الفرنسي والموقف الروسى من الموقف المصرى، خاصة فيما يتعلق بضرورة إجراء انتخابات جديدة في ليبيا بدون إبطاء، ورفض إدماج الميليشيات المسلحة التي مارست عنفا وإرهابا في الجيش الليبى، مع الاعتراف بقيادة حفتر لهذا الجيش، خاصة بعد التقدم الذي حققه في محاربة داعش والتنظيمات الإرهابية في ليبيا.. ومشاركة الرئيس السيسي شخصيا في هذا المؤتمر، التي تعد لفتة مصرية طيبة تجاه إيطاليا.
فإنه يعطى للموقف المصرى تجاه ليبيا قوة أكبر، حيث يمنح إشارة للجميع وليس للإيطاليين فقط إشارة واضحة بأن قضية ليبيا شديدة الأهمية لمصر ولأمنها القومى، ولن تتخلى عن ثوابت الحل لمشكلتها التي أعلنتها من قبل، خاصة وأنها تلقى قبولا من أغلب الليبيين.. باختصار هي رسالة أن مصر طرف مهم وأصيل في المشكلة الليبية لا يمكن تجاوزه أو تجاهل مواقفه ومصالحه.