رئيس التحرير
عصام كامل

هل ينهار الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بعد رحيل القرضاوي؟

 يوسف القرضاوي وأحمد
يوسف القرضاوي وأحمد الريسوني

خرج يوسف القرضاوي، من الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وأجريت انتخابات شكلية، شبه متفق عليها، فاز فيها منذ قليل، المغربي أحمد الريسوني، بمنصب الرئيس، خلفا للقرضاوي، الذي بلغ عمره الـ 93 عاما، ولم يعد قادرًا على ممارسة مهامه التي دأب عليها منذ تأسيس "الاتحاد الوهمي" في عام 2004.


كان القرضاوي، كشف عن مغادرته لمنصب رئيس الاتحاد، خلال كلمته السبت الماضي، بالجلسة الافتتاحية للجمعية العمومية الخامسة للاتحاد بإسطنبول، واعتبرها كلمته الأخيرة له ليسلم بعدها الراية لمن بعده، وقبل المغادرة لم ينس أن يصفي حساباته مع الجميع على رأسهم «السعودية».

الرجل الذي تعود الالتصاق بالحكام، ومغازلة أصحاب الحظوة للسياسة القطرية، كال المديح للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، واعتبره مؤسس تركيا الحديثة، زاعما أنه أنقذ أحفاد العثمانيين من عثرتهم، وكأنه تسلم بلدا ممزقا يعيش في غياهب العصور الوسطى.

والقرضاوي ضمن 59 شخصية أخرى، تقيم في قطر، تضعها دول التحالف على قوائم الإرهاب، مناصفة مع الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الذي ترك رئاسته إلى أحمد الريسوني، صاحب المناصب الدعوية الكثيرة، وجميعها تدور في فلك الإسلام السياسي، أهمها رئاسته لرابطة المستقبل الإسلامي بالمغرب منذ عام 1994، وهي المقربة من الإخوان، والتي اندمجت مع حركة الإصلاح والتجديد، وشكلا معًا حركة التوحيد والإصلاح، الذراع الدعوي لحزب العدالة والتنمية الإخواني، قائد الائتلاف الحكومي بالمغرب.

ترك القرضاوي الاتحاد الذي تموله قطر، ويقع مركزه الرئيسي في الدوحة، وهو يحدد بوصلة يحفظها الريسوني عن ظهر قلب؛ فالعالم الإسلامي في الخطاب الجديد للاتحاد، أصابته مصائب كثيرة، والأتراك الجميع يحاربهم، لأنهم يدافعون عن الأمة، وأردوغان أعاد الحياة لتركيا الإسلامية، بما يجعله مؤهلا لقيادة المجتمع الإسلامي حتى دون «خلافة».

المعضلة التي يعانيها الاتحاد المزعوم، أنه منذ نشأته كان أسيرا لخطاب الشيخ المؤسس، حتى أصبح لصيقا في العقل الجمعي عند عامة الإسلاميين، باتحاد القرضاوي؛ فهو ‏الاتحاد والاتحاد هو، بما يضعه في أزمة تاريخية، قد تنهي عليه، خاصة أن الريسوني ليس بنفس حضور وتأثير القرضاوي، ورغم مشاغباته إلا أنه لا يظهر في الصراعات الإقليمية بنفس الطريقة الحادة التي كونت شعبية زعيم الاتحاد المستقيل عند الإسلاميين، والحكام المقربين للإسلام السياسي.

الريسوني لن يكون بعيدا عن نفس مدارات القرضاوي، وإن كان أقل كثيرا من رجل ضيع ما له، ولم يعد يتذكر له أغلب المسلمين، إلا ما عليه، من تلاعب بالسياسة والدين لمصالح قطر وحكامها، بما أنهى على بلدان، وساهم في تشرذمها والإيقاع بها بين أنياب الإرهاب، وكاد أن يضيع دولا أخرى، على رأسها مصر، لولا عناية القدر ووعي القوات المسلحة والشارع المصري.
الجريدة الرسمية