مريم وأنا والمنتدى!
اقتربت مني فجأة، وقد كنت في انتظار حفل افتتاح منتدى شرم الشيخ.. أنيقة.. جميلة.. مهذبة وبكل ثقة قالت: حضرتك الأستاذ أحمد رفعت الكاتب الصحفي؟ قلت: أيوه يا فندم.. آه وسهلا.. قالت: "أهلا بحضرتك.. أتابع كل ما تكتبه بانتظام وأتذكر جدا مقالك عن الخصخصة"، ثم أضافت: "أنا مريم سامح لطفي.. بالصف الثالث الإعدادي بمدرسة الراعي الصالح بشبرا".
لم يستوقفني السن، بخلاف سعادتي وفرحتي بها جدا جدا، فقد كان متوقعا عندما رأيتها، إنما استوقفني أن أكثر المقالات التي تتذكرها مقالا عن الخصخصة مر عليه ما يقرب من عامين، أي كان عمرها وقتها 12عاما! لم يعجبها مثلا مقال كتبناه عن فنان أو عمل فني!! وبعد قليل عرفتني الرائعة مريم على أبيها الذي كان معها، والذي بدا هادئا مهذبا، وأبلغني أن مريم تقرأ في كل شيء منذ عدة سنوات وهي ابنة سبع سنوات!
هنا نتوقف عند ثلاثة أمور.. أولها.. أن اختيارات صحيحة جدا لكل الأعمار شاركت بالمنتدى، وأغلبها مر فعلا على الموقع الإلكتروني المخصص لذلك.. ثانيها وهو ما أكدناه مرارا أن جيلا قادما من المصريين لن يمنعه أحد عن تاريخ بلده الحقيقي، وسيعيد كتابة التاريخ بعيدا عن السياسة، وسيحاسب حسابا دقيقا وشاملا كل من فرط في ثروات المصريين وممتلكاتهم.. سينتهي عندئذ عصر احتكار المعلومة، لأنه سينتهي عصر احتكار أدوات الإعلام.. وقتها.. ووقتها فقط سيكتب تاريخ مصر المعاصر بشكل صحيح!
أما ثالثا، فنتوقف قليلا.. فبعيدا عن الإقامة أو الدراسة في شبرا.. هل يعرف أحد اسم مريم سامح لطفي وهل هي مسيحية أم مسلمة؟ كاتب هذه السطور لم يهتم بالاجابة ليسأل.. فما يعنينا بالأساس أنها مصرية وكفى.. إنما مثل هذه الحالات التي أصبحت نادرة الآن تبرز المناخ الصحي، الذي كانت عليه بلادنا في زمن سبق.
حيث الأسماء المسلمة المسيحية المشتركة.. والتي كتبنا عنها من قبل أكثر من مرة.. مثل سامح ولطفي وعماد وأيمن وعادل وكمال وأشرف ونبيل وغيرها وغيرها.. والبنات كانت سامية ونادية ووفاء وفيفي وغيرها وغيرها، وكان من المستحيل أن تعرف ديانة الشخص من اسمه فجد مريم ولد في زمن لم تكن الطائفية موجودة ووالدها، ولد في زمن استمر الحال على ما سبقه، ومريم أسماها من تأثر بمن سبقوه.
أما الآن فمع كل الاحترام لكل الأسماء إلا أننا كلنا نعرف أن غالبية الأسماء تعرف منها هوية صاحبها، في زمن شهدنا فيه الطائفية والخصخصة، ومريم وغيرها من سيتولون مهمة تصحيح ذلك كله، في وطن سرق أو يكاد في السنوات الأربعين السابقة بأكثر من طريقة!
حيوا مريم ووالدها معنا!